لها ، فخطب صلَّى الله عليه وآله وسلم الناس ، وحثَّهم على الصدقة ، فجاء أنصاري بِصُرَّةٍ ، ثم تتابع الناس بعده ، فقال صلَّىٰ الله عليه وآله : « من سنَّ سُنَّةً حسنه الخ ... » ١
فمعنى ذلك : هو أن مورد الرواية هو تعيين المورد والمصداق للنص الشرعي المتعلق بالعنوان العام ، حسبما تقدمت الإشارة اليه ، وليس موردها ما لا نص فيه أَصلا.
هذا كله .. عدا عن أن ما نحن فيه ليس من السنَّة التي معناها ٱلإدخال في الشرع ، بل هو من الأمور المباحة ، كما تقدم.
واستدلوا أيضا على حرمة الموالد والذكريات للأولياء ، بأنها نوع من العبادة لهم وتعظيمهم.
ونقول : إن ٱبن تيمية قد خلط بين العبادة والتعظيم وصار يُكفِّر الناس استنادا الى ذلك ، ونحن نعرض الفرق بينهما ليتضح زيف هذا الكلام .. فنقول :
قال السيد الامين رحمة الله تعالى :
« العبادة بمعناها اللغوي ، الذي هو مطلق الذل والخضوع والانقياد ، ليست شركاً ولا كفراً قطعاً ، وإلّا لزم كفر الناس جميعا من لدن آدم إلى يومنا هذا ، لأن العبادة بمعنى الطاعة والخضوع لا يخلو منها أحد ، فيلزم كفر المملوك ، والزوجة ، والولد ، والخادم ، والأجير ، والرعية ، والجنود ، بإطاعتهم وخضوعهم للمولى ، والزوج ، والأب ، والمخدوم ، والمستأجر ، والملك ، والأمراء ، وجميع الخلق لإطاعتهم بعضهم بعضا. بل كفر الأنبياء ، لإطاعتهم آباءهم ، وخضوعهم لهم ، وقد أوجب الله إطاعة أوامر الابوين ، وخفض جناج الذل لهما ، وقال لرسوله (ص) « واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين » (وأمر بتعزير النبي (ص) وتوقيره) وأمر بإطاعة الزوجة لزوجها ... وأوجب طاعة العبيد لمواليهم ، وسمّاهم عبيداً.
__________________
١ ـ راجع : صحيح مسلم / ج ٣ / ص ٨٧ ، والسنن الكبرى / ج ٤ / ص ١٧٥ و ١٧٦ وسنن النسائي / ج ٥ / ص ٧٥ ـ ٧٧ ومسند أحمد / ج ٤ / ص ٣٥٩ و ٣٦٠ و ٣٦١ ، والزهد والرقائق ص ٥١٣ / ٥١٤ ، والمسند للحميدي / ج ٢ ص ٣٥٢ / ٣٥٣ ، والمعتصر من المختصر / ج ٢ / ص ٢٥١ / ٢٥٢.