وقد نقل السيوطي عن أبي الفضل ابن حجر قوله عن عمل الموالد للنبي (ص) : « وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت ، وهو ما ثبت في الصحيحين ، من أن النبي (ص) قدم المدينة ، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فسألهم ، فقالوا : هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ، ونجَّىٰ موسى ، ونحن نصومه شكراً لله تعالى ، فقال (ص) : فأنا أحقُّ بموسى عليه السلام منكم ، فصامه ، وأمر بصومه ...
وفي نص آخر : « كان يوم عاشوراء يوما تصومه اليهود ، تتخذه عيداً ، فقال رسول الله (ص) : صوموه أنتم ». ١
قال ابن حجر : فيستفاد منه ، فعل الشكر لله تعالى على ما منَّ به في يوم معيَّن ، من إحداث نعمة ، أو دفع نقمة. ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ... وأيُّ نعمة أعظم من نعمة بروز نبيِّ الرحمة في ذلك اليوم. » ٢
وقد رد البعض على هذا الاستدلال بأنَّ السلف الصالح لم يعملوا بهذا النص ، على الوجه الذي يفهمه منه مَنْ بعدهم ، وهذا يمنع من اعتبار هذا النهي صحيحا ، فاستنباط ذلك من الحديث مخالف لما أجمع عليه السلف ، من ناحية فهمه ، ومن ناحية العمل به ، وما خالف إجماعهم ، فهو خطأ. ٣
ونقول : إن هذا الردَّ صحيحا ، كما سيتضح في الفصل الذي نردُّ فيه على أدلة المانعين ... ولذا فلا حاجة الى تكرار الكلام هنا ...
__________________
١ ـ راجع : القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص ٧٨ و ٧٩ ، وسنن الدارمي / ج ٢ / ص ٢٢ ، وصحيح البخاري / ج ١ / ص ٢٢٤ ، وصحيح مسلم / ج ٣ / ص ١٥٩ و ١٥٠ ، ومسند أحمد / ج ٤ / ص ٤٠٩ ، وزاد المعاد ج ١ / ص ١٦٤ فما بعدها ، وكشف الأستار / ج ١ / ص ٤٩٠ ، ومجمع الزوائد / ج ٣ / ص ١٨٥. والحديث طرق متعددة ، ونصوص مختلفة ، وهو موجود في مختلف المصادر الحديثية عند أهل السنة. ولتراجع رسالة حسن المقصد للسيوطي ، المطبوعة مع : النعمة الكبرى على العالم / ص ٨٩ ، والسيرة النبوية لدحلان / ج ١ / ص ٢٥ ، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيِّين / ص ١١٤ ، وعجائب المخلوقات ، بهامش حياة الحيوان / ج ١ / ص ١١٤ ، والمنتقى من أخبار المصطفى / ج ٢ / ص ١٩٢ ، ومجمع الزوائد / ج ٣ / ص ١٨٤ ـ ١٨٨ ، ومنحة المعبود / ج ١ / ص ١٩٣.
٢ ـ تلخيص من رسالة حسن المقصد للسيوطي ، المطبوع مع : النعمة الكبرى على العالم / ص ٨٩ ـ ٩٠ وراجع : التوسُّل بالنبيِّ وجهلة الوهابيِّين / ص ١١٤ / ١١٥.
٣ ـ ارجع : القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص ٧٨ و ٧٩.