ليكون أشدَّ علة على من في قلبه مرض ، وأعياهُ داءً.
ولقد أطنب ابن الحاج في الدخل في الإنكار على ما أحدثه الناس من البدع والأهواء ، والغناء بالآلات المحرَّمة عند عمل المولد الشريف ، فالله تعالى يثيبهُ على قصده الجميل ١ ». وقال ابن عباد في رسائله الكبرى : « ... وأما المولد فالذي يظهر لي : أنه عيد المسلمين ، وموسم من مواسمهم. وكل ما يفعل فيه مما يقتضيه وجود الفرح والسرور بذلك المولد المبارك ، من إيقاد الشمع ، وإمتاع البصر والسمع ، والتزيُّن بلباس فاخر الثياب ، وركوب فاره الدواب ، أمر مباح لا ينكر على أحد » ٢.
وعن ابن حجر انه قال : « واما ما يعمل فيه ، فينبغي الاقتصار على ما يفهم منه الشكر لله تعالى ، من التلاوة ، والإطعام ، والصدقة ، وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية ... وأمّا ما يتبع ذلك من السماع واللهو ، وغير ذلك ، فما كان من ذلك مباحا ، بحيث لا ينقص السرور بذلك اليوم ، لا بأس بإلحاقه به ، وأمّا ما كان حراما ، أو مكروها ، فيمنع ، وكذا ما كان خلاف الأولى » ٣.
وقد أوضح ابن تيمية : أن العيد لا يختص بالعبادة ، والصدقات ، ونحوها ، بل يتعدَّى ذلك إلى اللعب ، وإظهار الفرح أيضا.
وقد رأى ابن تيمية : أن بذلكَ أصلاً في السنة ، أي في الرواية التي تذكر أنه قد كان عند النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم جوارٍ يغنين ، فدخل أبوبكر ، فأنكر ذلك ، وقال : أبمزْمورِ الشيطان في بيت رسول الله ؟
فقال له النبي (ص) : ان لكل قوم عيداً ، وإنَّ عيدنا هذا اليوم. ٤
__________________
١ ـ المواهب اللدنية / ج ١ / ص ٢٧ وراجع : ايضا السيرة النبوية لدحلان / ج ١ / ص ٢٤ ، والسيرة الحلبية / ج ١ / ص ٨٣ و ٨٤.
٢ ـ راجع : القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص ١٧٥.
٣ ـ تلخيص من رسالة حسن المقصد للسيوطي ، والمطبوعة مع : النعمة الكبرى على العالم / ص ٩٠.
٤
ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص ١٩٤ ـ ١٩٥ والرواية في ص ١٩٣ عن الصحيحين. وراجع :
صحيح البخاري / ج ١ / ص ١١١ ط الميمنية ، وصحيح مسلم / ج ٣ / ص ٢٢ ، والسيرة الحلبية /
ج ٢ / ص ٦١ ـ ٦٢ ، وشرح مسلم للنووي بهامش إرشاد الساري / ج ٤ / ص ١٩٥ ـ ١٩٧ ، ودلائل
الصدق / ج ١ /
`