قوم يصبحهم الأمر غدوة ». ١
وعن ابي بن كعب : « ان رسول الله (ص) قرأ يوم الجمعة تبارك ، وهو قائم ، فذكَّرنا بأيّام الله ». ٢
وعن النبي (ص) : « بينما موسى عليه السلام في قومه يذكِّرهم بأيّام الله. وأيّام الله نعمه وبلاؤه إذ قال ... الخ ». ٣
فذلك كله يدل على أن التذكير بأيّام الله كان يتخذ صفته الطبيعية والعادية ، ولو للأفراد على انفراد ، ولم يكن يقيم لهم احتفالات ومراسم معينة في أوقات مخصوصة من أجل ذلك. إلّا أن يقال : إن أمر تعيين المصداق قد ترك إلينا ، كما سيأتي ، فتكون الآية من أدلة العنوان العام.
كما أن المقصود بأيّام الله ... لعلَّة تلك الأيام التي تحدث فيها خوارق العادات ، وتظهر فيها الآيات ، أيّام بطشه بالظالمين ، وأخذه لهم أخذ عزيز مقتدر ، وكذا الحال بالنسبة لآية : « قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ » ... فلا تشمل الآية ما هو محل الكلام هنا ..
وقد استدل أيضا بقوله تعالى : « قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا » ، إذ من المصاديق الجلية لرحمة الله سبحانه ، هو ولادة النبي (ص) ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، فالفرح بمناسبة ميلاده صلَّى الله عليه وآله وسلم مطلوب ومراد. ٤
ولكننا نقول : إن الآية تدل على لزوم الفرح برحمة الله سبحانه وفضله ... أمّا الخصوصية ، فلا تدل عليها ، وحينما يصف الله الانسان بأنه فرح فخور ، فان ذلك لا يعني إلّا ثبوت هذه الحالة النفسية له ، ولا تدل على أنه يقيم الحفلات ، ويلتزم بالمواسم والمراسم ، كما هو محل البحث هنا.
إلّا أن يقال : إن أمر تعيين الكيفية والمصداق قد اُؤكل الينا ، كما سبق في
__________________
١ ـ مسند أحمد / ج ١ / ص ١٦٧.
٢ ـ سنن ابن ماجة / ج ١ / ص ٣٥٢ ـ ٣٥٣.
٣ ـ مسند أحمد / ج ٥ / ص ١٢١.
٤ ـ راجع : القول الفصل / ص ٧٣ ، ومقالة الصديق المشار إليه آنفا.