والأحياء ، بعدِّ سنيِّها ، وٱتخاذ رأس كل سنة بتلكم المناسبات أعياداً وأفراحاً ، أو مآتم وأحزانا ، وإقامة الحفل السار ، او التأبين ، من الشعائر المطَّردة ، والعادات الجارية منذ القدم ، دعمتها الطبيعة البشرية ، وأسَّستها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة ، عند كل ملَّة ونحلة ، قبل الجاهلية وبعدها ، وهلمَّ جرا حتى اليوم.
هذه مراسم اليهود ، والنصارى ، والعرب ، في أمسها ويومها ، وفي الاسلام وقبله ، سجلها التاريخ في صفحاته.
وكأن هذه السنة نزعة انسانية ، تنبعث من عوامل الحب والعاطفة ، وتسقى من منابع الحياة ، وتتفرع على أصول التبجيل والتجليل ، والتقدير والإعجاب ، لرجال الدين والدنيا ، وأفذاذ الملأ ، وعظماء الأمة ، إحياءً لذكرهم وتخليدا لاسمهم ، وفيها فوائد تاريخية ، إجتماعية ، ودروس اخلاقية ضافية راقية ، لمستقبل الأجيال ، وعظات وعبر ، ودستور عملي ناجع للناشئة الجديدة ، وتجارب واختبارات ، تولد حنكة الشعب ، ولا تختص بجيل دون جيل ، ولا بفئة دون اخرى.
وإنما الأيّام تقتبس نورا وازدهارا ، وتتوسم بالكرامة والعظمة ، وتكتسب سعداً ونحساً ، وتتخذ صيغة ممّا وقع فيها من الحوادث المهمة ، وقوارع الدهر ونوازله الخ .. ». ١
وقال السيد الأمين رحمه الله : « .. وأمّا جعل التذكار لمواليد الأنبياء والأولياء ، الذي يسميه الوهابية بالأعياد والمواسم ، بإظهار الفرح والزينة في مثل يوم ولادتهم ، التي كانت نعمة من الله على خلقه ، وقراءة حديث ولادتهم ، كما يتعارف قراءة حديث مولد النبيِّ (ص) ، وطلب المنزلة والرفعة من الله لهم ، وتكرار الصلوات والتسليم على الأنبياء ، والترحُّم على الصلحاء ، فليس فيه مانع عقلي ولا شرعي ، إذا لم يشتمل على محرَّم خارجي ، كغناء ، او فساد ، أو استعمال آلات اللَّهو ، أو غير ذلك ، كما يفعل جميع العقلاء ، وأهل الملل في مثل أيام ولادة عظمائهم وأنبيائهم ، وتبوُّء ملوكهم عروش الملك ، وكل ذلك نوع من التعظيم الذي
__________________
١ ـ سيرتنا وسنتنا / ص ٤٥ / ٤٦.