وقال تعالى : « لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ». ثم قال :
« ... فمنْ ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله ، أو أوجبه بقوله ، أو فعله ، من غير أن يشرِّعه الله ، فقد شرع من الدين ما لم يأذنْ به الله ».
« نعم ... قد يكون متأولاً في هذا الشرع ، فيغفر له لأجل تأويله ، إذا كان مجتهداً الاجتهاد الذي يعفى فيه عن المخطئ ، ويثاب أيضاً علىٰ اجتهاده ».
« لكن لا يجوز اتباعه في ذلك ، إذ قد علم أن الصواب في خلافة ». ١
وقال : « الأصل في العبادات : أن لا يشرع منها إلّا ما شرَّعه الله ، والأصل في العادات أَن لا يحظر منها إلّا ما حظره الله. وهذه المواسم المحدثة. إنما نهي عنها لما حدث فيها من الدين الذي يتقرب به ». ٢
كما ان ابن الحاج رَغمَ اعترافه بما ليوم مولد النبي (ص) من الفضل ، لا يوافق على الاحتفال بالمولد لما فيه من المنكرات ، ولأن النبيَّ أراد التخفيف عن أُمته ، ولم يرد في ذلك شيء بخصوصه ، فيكون بدعة. ٣
وقد استدلوا على عدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي بأن السلف الذين كانوا أَشد محبة لرسول الله (ص) وتعظيماً له منّا وأحرص على الخير لم يفعلوه ولم يكن منه عندهم عين ولا أَثر. ٤
وقالوا : « ... وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد ، وبعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة وأول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسمِّيه الجهّال عيد الابرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها ». ٥
وقال السكندري الفاكهاني : « لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله من أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين ،
__________________
١ ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص ٢٦٧ ـ ٢٦٨ بتلخيص ، ويوجد نظير العبارة الأخيرة في ص ٢٩٠.
٢ ـ المصدر السابق / ص ٢٦٩.
٣ ـ راجع : المدخل لابن الحاج / ج ٢ / ص ٣ فما بعدها الى عدة صفحات ، وليراجع / ص ٢٩ / ٣٠.
٤ ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص ٢٩٥ ، وراجع : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد / ج ١ / ص ٤٤١ / ٤٤٢.
٥ ـ القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص ٤٩ عن الفتاوى المصرية / ج ١ / ص ٣١٢.