فالأمر يدور بين الوجوب والحرمة ، بينما في الحالة الاولى كان الأمر يدور بين الوجوب والإباحة مثلا ، فثبوت التكليف ليس جزميا لإحتمال ثبوت الإباحة بخلافه في هذه الحالة فإنّ ثبوت التكليف معلوم ولكنّه يشكّ في كونه وجوبا أو حرمة. وهذه الحالة هي محل بحثنا الآن (١).
ثم انّ هذه الحالة لها شكلان ، إذ تارة يفرض وجود احتمال ثالث ـ مضافا إلى احتمال الوجوب والحرمة ـ وهو احتمال الرخصة ، بأن يعلم ان الشيء إمّا واجب أو حرام أو مباح ، واخرى يفرض عدم وجود الإحتمال الثالث المذكور بان ينحصر أمر الشيء بين الحرمة والوجوب فقط.
والشكل الأوّل ـ ومثاله أن يحتمل المكلّف نذره لشرب الماء ويحتمل نذره لترك شربه ويحتمل عدم تعلق النذر به مطلقا ـ يمكن ان يصطلح عليه بالشكّ في ثبوت الحرمة والوجوب بنحو الشكّ البدوي.
والشكل الثاني ـ ومثاله ان يعلم المكلّف بصدور النذر منه جزما ولكنه لا يعلم هل هو نذر الشرب أو نذر تركه ـ يصطلح عليه بحالة دوران الأمر بين المحذورين.
وعلى هذا فبحثنا يدور حول هذين الشكلين ، فتارة نتكلم عن حالة دوران الأمر بين الوجوب والحرمة بنحو الشكّ البدوي واخرى نتكلم عن حالة الدوران بين المحذورين.
__________________
(١) وأمّا الحالة الرابعة فتأتي الإشارة لها ص ١٦٣ من الحلقة