يقول رفع وجوب الاحتياط إزاء الحكم الذي لا يعلم (١) بينما دليل وجوب الاحتياط يقول يجب الاحتياط إزاء الحكم الذي لا يعلم ، والمعارضة بين اللسانين واضحة. وقد تقدّم هذا في الحلقة الثانية ص ٣٣٨.
ثمّ انّه بعد المعارضة بين مثل حديث الرفع وأدلة وجوب الاحتياط فأيّهما المقدّم؟ انّ هذا ما نبحثه في النقطة التالية.
ج ـ بعد أن عرفنا انّ بعض أدلة البراءة معارض لأدلة الاحتياط فعلينا الآن أن نعرف أيّهما المقدّم.
قد يقول الإخباري بتقديم أدلة الاحتياط وتوجيه ذلك بأنّ أدلة البراءة على قسمين بعضها نصوص قرآنية وبعضها نصوص روائية.
أمّا النصوص القرآنية فالنص التامّ من حيث الدلالة هو الآية الاولى ، أي قوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها ).
وأمّا النصوص الروائية فالنص التامّ من حيث الدلالة هو حديث « رفع عن امّتي ما لا يعلمون » بخلاف بقية النصوص فإنّها لم تسلم من المناقشة.
وبعد أن عرفنا انّ المعارضة تقع بين الآية الاولى وأدلة وجوب الاحتياط ، وهكذا تقع بين حديث الرفع وأدلة وجوب الاحتياط نأتي الآن لنعرف ما هو المقدم في المعارضة الاولى ثمّ لنعرف ما هو المقدّم في المعارضة الثانية؟
وفي المعارضة الاولى لا بدّ وأن يقول الإخباري انّ المقدّم هو أدلة وجوب
__________________
(١) طبيعي هو يدل على عدم وجوب الاحتياط ما لم يرد نهي عن الشيء بعنوانه الأوّلي ، أي ما لم يرد نهي عن شرب التتن مثلا بعنوان شرب التتن. وبكلمة اخرى ما لم يرد نهي واقعي عن شرب التتن فإنّ النهي الواقعي عبارة اخرى عن النهي عن الشيء بعنوانه الأوّلي