للحاكم ـ وإن بغى وظلم ـ نظرة التقديس.
وعموما أحدثت ثورة الحسين عليهالسلام هزّةً عميقة في نفوس وقناعات قطاعات واسعة من الناس ، فمن جهة موقف شيعة أهل البيت ، فقد استقبلوا النهاية الفاجعة بالحزن ، والندم ، والغضب. قال ابن سعد : أخبرنا علي بن محمد ، عن حباب بن موسى ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن حسين ، قال : « حُملنا من الكوفة إلى يزيد بن معاوية فغصّت طرق الكوفة بالناس يبكون ، فذهب عامة الليل ما يقدرون أن يجوزوا بنا لكثرة الناس ، فقلت : هؤلاء الذين قتلونا وهم الآن يبكون » (١).
حزنوا بسبب فظاعة ما حدث بكربلاء ، وندموا لأنهم قصَّروا في النصرة والمساندة ، وغضبوا على النظام الأموي لأنه ارتكب الجريمة البشعة. وقد تفاعل الندم مع الحزن فولَّد عندهم مزيدا من الغضب ، وولَّد عندهم رغبةً حارةً في التكفير عبَّروا عنها بمواقفهم من النظام ورجاله شعرا ، وخُطبا ، وثورات استمرت أجيالاً ، وجعلت من شعار (يالثارات الحسين) شعارا لكل الثائرين على الأمويين.
ومن الشواهد على تلك الهزة التي أحدثتها هذه النهضة في كيان الأمة ، أنه لما لقي عبيد اللّه بن الحر الجعفي الحسين عليهالسلام فدعاه إلى نصرته والقتال معه فأبى .. قال الحسين عليهالسلام : « فإذا أبيت أن تفعل فلا تسمع الصيحة علينا ،
__________________
(١) انظر : سلسلة ذخائر (تراثنا) (١) ، ترجمة الإمام الحسين ومقتله من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد ، تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي : ٨٩ ، مؤسسة آل البيت عليهمالسلام لاحياء التراث.