رابعا : البعد السياسي
هناك من يدرس القضية الحسينية مجرّدة عن إطارها التاريخي ، فيصدر أحكاما مسبقة عنها ، والبعض من هؤلاء يتصوّر أن الحسين عليهالسلام قام بخروجه على يزيد بمغامرة غير محسوبة النتائج ، وأن نهضته عبارة عن عمل انتحاري ، ومن هؤلاء محمد الغزالي الذي ندد بنهضة الحسين عليهالسلام ووصفها بأنها « مجازفة لا أثر فيها لحسن السياسة ، وقد كان المتعين على الحسين ـ حسب ما يراه الغزالي ـ أن يبايع ليزيد ، ويخضع لقيادة هذا الخليع الماجن الذي لا يملك أية كفاءة لقيادة الأمة » (١).
وأحمد الشبلي ، هو الآخر وقع أسر ضيق النَّظرة ، فقال : « نجيء إلى الحسين لنقر ـ مع الأسف ـ أن تصرفاته كانت في بعض نواحي هذه المشكلة غير مقبولة؛ هو أولاً لم يقبل نصح الناصحين وخاصة عبد اللّه بن عباس ، واستبد رأيه ، وثانيا نسي أو تجاهل خلق أهل الكوفة وما فعلوه مع أبيه وأخيه ، وهو ثالثا يخرج بنسائه وأطفاله كأنه ذاهب إلى نزهة خلوية أو زيارة قريب ويعرف في الطريق غدر أهل الكوفة ، ومع هذا
__________________
(١) انظر : حياة الامام الحسين عليهالسلام / باقر شريف القرشي ٣ : ٣٩ ، انتشارات مدرسة الإيرواني ، عن من معالم الحق / الغزالي : ١٣١. ط ٤ ـ ١٤١٣هـ.