وقد استمر الحسين عليهالسلام في اتصالاته وإلقاء خطبه المتتابعة على الجمع المعادي ، وكان يطمح بأن تتحرك ضمائرهم ويزيل الصدأ عن قلوبهم ، فرمى بآخر سهم من سهام الدعوة قبل أن يرمي بسهم واحد من سهام القتال.
وفي هذا الصدد كانت للبطل المجيد زهير بن القين كلمات في أهل الكوفة أمضى من السيوف والرّماح حيث تصيب ، فركب فرسه وتعرض لهم قائلاً : « يا أهل الكوفة! نذار لكم من عذاب اللّه نذار ، ان حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتى الآن أخوة على دين واحد وملّة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، وأنتم للنصيحة منّا أهل ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة وكنا أمة وأنتم أمة ، إن اللّه قد ابتلانا وإيّاكم بذرية نبيه محمد صلىاللهعليهوآله لينظر ما نحن وأنتم عاملون ، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيداللّه بن زياد ، فانكم لا تدركون منهما إلاّ بسوء عمر سلطانهما كلّه ، ليسملان أعينكم ، ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثلان بكم ، ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم وقراءكم أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهانى ء بن عروة وأشباهه » (١).
وهما وسيلتان إعلاميتان تمكّن الإمام الحسين عليهالسلام من خلالهما من إيصال صوته وتبيان موقفه إلى عدد من زعماء الأقاليم ووجوه القوم ، فقد
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢٢٩ ، حوادث سنة إحدى وستين ، البداية والنهاية / ابن كثير ٨ : ١٩٤.