ولعلّ أبلغ تعنيف صدر عن الإمام عليهالسلام بحقّ هذا الشقي هو عندما فُجع (سلام اللّه عليه) بفلذة كبده علي الأكبر ، عند ذلك اتجه عليهالسلام إلى السماء بقلب مفجوع ، والدموع تترقرق على لحيته الشريفة ، وقال : « قطع اللّه رحمك ، ولا بارك لك في أمرك ، وسلّط اللّه عليك من يذبحك على فراشك ، كما قطعت رحمي ، ولم تحفظ قرابتي من رسول اللّه صلىاللهعليهوآله » (١).
ودارت الأيام دورتها ، وإذا بابن سعد قد ذُبح على فراشه ـ كما أخبر الإمام ـ على يد المختار الثقفي ، الذي اقتصّ من قتلة الحسين عليهالسلام ، وشُوهد الأطفال وهم يعبثون برأسه ويتخذونه غرضا بينهم!.
زد على ذلك ، فقد سبر أغوار الغيب وأخبر عن كيفية شهادته ، وكيف أن جسده الشريف سيتقطّع إربا إربا في العراء وتصهره الرّمضاء ، يروى أنه قبل أن يغادر مكّة ، قام خطيبا ، فحمد اللّه وأثنى عليه وبيّن مدى اشتياقه لأسلافه واستهانته بالموت ، كما كشف عن غطاء الغيب مرّة أخرى ، عندما قال عليهالسلام : « .. كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا ، فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خط بالقلم » (٢).
ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ ، إذ تنبّأ الحسين عليهالسلام بحالة الذّل والهوان والعار والتشرذم وكذلك السقوط السريع لأعدائه ، لقد تصوّر يزيد لعنه اللّه
__________________
(١) مقتل الخوارزمي ٢ : ٣٠ ، منشورات مكتبة المفيد ـ قم.
(٢) اللهوف : ٣٨.