هذا الشرف وتلك الجدارة أعلى منازل الذُّرى ، إنهم لم يقدموا على التضحية ذاتها .. وهكذا جعلوها وسيلة وغاية .. كما أكدوا معنى أنها مثوبة نفسها ، وأنها قيمة بذاتها » (١).
ومن أبرز الشواهد العامة على مدى تسابق جند الإمام على التضحية بالنفوس ، تقدم شباب أهل البيت ، ليأخذوا مكانهم في الصف الأول عند شروع الطرفين في صفحة القتال الجماعي ، فدفعهم الأنصار عن محلهم ، قائلين لهم بلسان الحال والمقال : معاذ اللّه أن تموتوا ونحن أحياء ، نشهد مصارعكم ، بل نحن أولاً ثم تجيئون على الأثر. وتقدم الأنصار واقتحموا الميدان في مشهد فريد ، جسّد القدوة في القدرة الرائعة على التضحية الغالية.
وهو الالتزام الصارم بأوامر وتوجيهات القيادة ، وينتج غالبا من قوة الشخصية ، والإيمان بالقضية ، يقول الجنرال كورتوا : « إن قوي الشخصية هو من حافظ على التفكير الواضح المنطقي رغم المتاعب ، وبحث عن الحقيقة ، وتمسك بها بكل اصرار مهما كلفه الأمر ، وثبت في المأزق بكل صبر ولو انسحب الجميع من حوله » (٢).
ونحن نجد أن هذه الصفات تنطبق بحذافيرها على جند الإمام ، الذين
__________________
(١) انظر : ابناء الرسول في كربلاء / خالد محمد خالد ، ١٢٩ ، دار الكتاب العربي ، ط٤.
(٢) لمحات من فن القيادة / ج ـ كورتوا ، تعريب المقدم هيثم الايوبي ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط٢.