عندما اتهم عليا عليهالسلام بتفريق كلمة المسلمين ، وأمر عمّاله بسبّ أمير المؤمنين عليهالسلام على المنابر حتى وصل الأمر بمعاوية أنه قتل أُناسا لم يطيعوه في لعنه واتهامه لعلي عليهالسلام ، ولم يكتفِ بذلك ، بل أخذ ينتحل الأحاديث القادحة في علي عليهالسلام وصحبه الأبرار. وتوجد شواهد كثيرة على هذا الأسلوب الإعلامي غير الأخلاقي منها : لما ألقى ابن زياد القبض على مسلم بن عقيل عليهالسلام أخذ يكيل له الاتهامات ، ويُمطره بوابل من الشتائم وبكل ما يُشين .. قال له : « أخبرني يا مسلم ، بماذا أتيت هذا البلد وأمرهم ملتئم ، فشتت أمرهم بينهم ، وفرقت كلمتهم؟ فقال مسلم عليهالسلام : ما لهذا أتيت ، ولكنكم أظهرتم المنكر ، ودفنتم المعروف ، وتأمرتم على الناس بغير رضى منهم ، وحملتموهم على غير ما أمركم اللّه به ، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر ، فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف وننهى عن المنكر ، وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنّة ، وكنّا أهل ذلك » (١). وبذلك أبطل جميع مزاعمه ، وردّ الحق إلى نصابه ، بأسطر قليلة لخّص فيها دواعي ثورة الحسين العظيمة.
الدعاية اليزيدية جمعت كيدها وحصرت همها من أجل قلب الحقائق الناصعة ، التي دفعت بالإمام الحسين عليهالسلام إلى إعلان ثورته ، فقد اتبعت هذه الدعاية المغرضة وسيلة للتضليل الديني ، فأخذت تعزف على نغمة : أن الحسين قُتل بسيف جدّه (٢) ، بدعوى أنه فرّق الأمة وخلق الفتنة ، ويريد
__________________
(١) اللهوف : ٣٦.
(٢) انظر : خلاصة عبقات الأنوار / السيد حامد النقوي ٤ : ٢٣٧ ، مؤسسة البعثة