يدفعها ـ بعد إمكان منع اعتبار ذلك في « إذا » أولا كما يشهد له استعمالها في العرف وغيره في الأعم من ذلك ، واحتمال اختصاصها بعد التسليم في الكلام الملاحظ فيه النكت البديعية والمحسنات البيانية وسبق بقصد إظهار القدرة على البلاغة والفصاحة لا الكلام المقصود به مجرد التفهيم ، وجار على مقتضى كلام غالب الناس وسوادهم ، بل من المحتمل أنه كلام الراوي ناقلا بالمعنى للفظ المعصوم ـ أن المنساق من هذا الخطاب اشتراط الرجوع مطلقا وإن لم يكن ليومه بتقييد إطلاق البريد في الصدر بالتعليل الظاهر في اشتراط الرجوع ، وحمل شغل اليوم فيه على مطلق الشغل دون الشغل بالفعل ، لا أن المفهوم منه الاكتفاء بالبريد من دون الرجوع أصلا ، وإن توهم أخذا بإطلاقه في الصدر وحملا للتعليل على التقريب إلى الأفهام يجعل شغل اليوم كناية عن المشقة التي هي علة تقريبية للقصر ، إذ هو كما ترى ، ولا أن المفهوم اشتراط الرجوع لليوم بتقييد إطلاق البريد بظاهر التعليل ، وتقييد إطلاق الرجوع فيه بما دل منه على شغل اليوم بالفعل ، وتقييد إطلاق المفهوم بالسير الملفق ، واستقامة الفهم واعتداله مع كثرة ممارسته لأخبارهم ومعاني كلماتهم عليهمالسلام الشاهد على ما ذكرنا ، فتأمل وتدبر.
ومنها موثق زرعة وسماعة (١) « سألته عن المسافر فيكم يقصر الصلاة؟ فقال له : في مسيرة يوم ، وذلك بريدان ، وهما ثمانية فراسخ ، ومن سافر قصر الصلاة وأفطر إلا أن يكون مشيعا لسلطان جائر ، أو خرج إلى صيد ، أو إلى قرية له تكون مسيرة يوم ببيت إلى أهله لا يقصر ولا يفطر » وعن بعض نسخ الاستبصار « متبعا » بدل قوله : « مشيعا » كما أنه عن كتابي الصلاة والصوم من التهذيب « إلا أن تكون رجلا مشيعا » من دون ذكر السلطان ، وفي الصوم منه « من سافر فقصر الصلاة
__________________
(١) ذكر صدره في الوسائل في الباب ١ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ٨ وذيله في الباب ٨ منها ـ الحديث ٤ لكن رواه عن زرعة عن سماعة.