في التشريع المنهي عنه ، ضرورة أنه بعد أن لم يشرع له الائتمام بالركعة الثانية كان كنية الائتمام بعد فراغ الامام من صلاته ، ودعوى الإجماع على أنه ينوي في ابتداء صلاته الاقتداء على الإطلاق لا الاقتداء بالركعة الأولى خاصة وإن علم أنه يفارق بعدها مع إمكان منعها لا تجدي في عدم وجوب نية الانفراد عليه ، إذ لا تزيد نيته على نية من لم يدرك من الامام إلا ركعة واحدة الذي من المعلوم عدم وجوب نية الانفراد عليه بعد انتهاء صلاة الامام ، وكونه يعطى ثواب المقتدي بتمام الصلاة فضلا وكرما لو سلم لا يقضي ببقاء حكم الائتمام كي يحتاج إلى نية الانفراد ، وعدم جواز المفارقة بدون النية إنما هو مع كونه مأموما لا إذا انتهت مأموميته كالفرض ، وليس هو كالمفارق لعذر جوز له فسخ الجماعة وصيرورته منفردا كما هو واضح.
ودعوى وجوب نية كل واجب على وجه يشمل ما نحن فيه واضحة المنع ، ولعل النزاع في المقام لفظي ، لإمكان إرادة القائل بالعدم صحة الصلاة مع المفارقة ، والالتزام بما على المنفرد وإن لم يكن قاصدا له بالخصوص لغفلة ونحوها ، كما أنه يمكن إرادة القائل بوجوب نيته هنا عدم البقاء على قصد الاقتداء ، ومعاملة نفسه معاملة المأموم بترك القراءة مثلا ونحوها ، إذ لا ريب في الفساد حينئذ حتى مع النسيان ، لظهور النصوص والفتاوى في الشرطية المستلزمة للانتفاء عند الانتفاء ، وليس الفساد مبنيا على اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضد كي تتجه الصحة مع الغفلة والنسيان.
نعم يمكن ابتناء الفساد وعدمه في غير ما نحن فيه مما كان فيه ترك الاحتراس كما لو صلى الجميع فرادى من غير توزيع على مسألة الضد ، أما لو صلوا جميعهم جماعة فالمتجه الفساد ، لظاهر الأدلة وإن لم نقل بمسألة الضد ، ومثله لو قصرت الفرقة الحارسة في الاحتراس مثلا وعلمت الفرقة المصلية بذلك في أثناء الصلاة ، ولو علم الامام ضعف الطائفة الحارسة عن الحراسة في أثناء صلاته ففي الذكرى أمدهم ببعض من معه أو بجميعهم