بعض أدلة الفورية زيادة على وجوبها صفة شرطيتها أيضا ، إذ هي ليس دليلها منحصرا بالإجماع ، بل الأخبار (١) كادت تكون صريحة في ذلك ، خصوصا المشتمل منها على الفاء (٢) المقتضية للتعقيب بلا مهلة ، بل وعلى لفظ « إذا » (٣) الظاهر في أن وقت فعلها عند الفراغ ، وغير ذلك ، ولا ريب في ظهورها باشتراط صحتها بالتعقيب المزبور إذ بدونه لم يأت بالمأمور به على وجهه ، على أنه لو سلم عدم ظهورها بذلك فلا إشكال في كون المستفاد منها خصوص هذا الفرد دون غيره ، فيكفي في فساده عدم الدليل على صحته حتى إطلاقات الأوامر بعد فرض إرادة الفورية منها وانسياق التعقيب من مساقها ، بل لعل القائل بعدم مساواة الفورية للتوقيت في الفوات إنما هو حيث تكون مستفادة من نفس الأمر لا في مثل ما نحن فيه ، ضرورة كون الحاصل هنا من الأدلة أن علاج الشك فعل الاحتياط بدارا ، فكيف يتحقق الامتثال بدونه ، لا أقل من الشك فيبقى يقين الشغل بالصلاة بحاله ، بل قد عرفت سابقا اقتضاء القواعد الفساد بالشك في عدد الفريضة ، فيقتصر فيما خالفها على الثابت المتيقن المتعقب لها ، بل ينبغي القطع بذلك بناء على شرطية المشكوك في شرطيته ، إذ من الواضح حصول الشك في شرطية التعقيب في صحة الاحتياط ، كما أنه من الواضح حصول الشك في ثبوت علاج الفريضة بغير المتعقب لها ، بل لعله من هذه الحيثية لا يبتني على قاعدة الشك في الشرط حتى تتجه الصحة عند من لم يعتبرها كما هو المختار عندنا ، إذ مبنى ذلك التمسك بالإطلاقات المتوقفة على إحراز الركعات ، فمع الشك كما في الفرض لا جزم بصدق اسم الصلاة وثبوت الصحة مع تعقيب العلاج للأدلة الخاصة ، بل قد يقال : إن هذه الفورية ليست
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ و ١١ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ـ الحديث ٤ و ٦.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ـ الحديث ٢.