بأن قصد الصلاة على فلان لا على هذا فلان ، قلت : يمكن أن يأتي هنا ما ذكروه في تعيين الامام من حيث تعارض الإشارة والاسم ، فيصح في الصحيح فيه ويبطل في الباطل ، نعم ظاهرهم الفرق بين المقامين باعتبار التعيين فيه بخلافه هنا وإن وجب فيه القصد إلى معين متحد أو متعدد ، وعليه فرعوا الاكتفاء هنا بنية منوي الامام ، ومقتضاه عدم جواز مثل ذلك في الائتمام بالصلاة ، ولعله لعدم خروجه به عن الإبهام عند المصلي وإن خرج به عنه في الواقع ، والمعتبر الأول في الائتمام ، لأصالة عدم انعقاد الجماعة ، واقتصارا في إطلاقها على المتيقن المعهود ، بل لعله المنساق من الأدلة عند التأمل بخلاف المقام الذي لا مانع فيه سوى الإبهام المانع عن الامتثال ، فرفعه بالصفة المعينة في الواقع كاف في صدقه وإن لم يرتفع بها الإبهام عن المصلي باعتبار الشك في مصداقها ، ونحوه غيره من المتعلقات كالمنوب عنه بصلاة ونحوها ، فإنه يكفي فيها القصد إلى معين وإن لم يتعين عنده ، فتأمل جيدا ، والله أعلم.
وأما وجوب استقبال القبلة فيها فلا خلاف فيه أيضا كما في المدارك قال : « لأن العبادة كيفية متلقاة من الشارع ، والمنقول من النبي والأئمة ( عليهم الصلاة والسلام ) فعل الصلاة كذلك ، فيكون خلافه تشريعا محرما » وفيه ما عرفت سابقا ، وفي كشف اللثام عليه الإجماع ظاهرا ويشمله العمومات ، وفيه منع إن أراد عمومات الصلاة كما ستعرفه ولا عموم مجديا في الوجوب في غيرها ، فالأولى الاستدلال له بالإجماع المزبور إن تم ، وما عساه يظهر من نصوص (١) كيفية الصلاة على الجنائز المتعددة من المفروغية عن اعتبار الاستقبال ، بل مرسل ابن بكير (٢) منها عن الصادق عليهالسلام قد يستدل به على ذلك ، قال له في جنائز الرجال والصبيان والنساء قال : « توضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهم والرجال دون ذلك ، ويقوم الامام مما يلي الرجال » وثبوت الندب
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة الجنازة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة الجنازة ـ الحديث ٣.