بل لعله مقطوع به بالنسبة إلى جميع الجهات ، لتصريحهم باستقباله الناس بالتحميد كما عليه الأكثر ، أو الاستغفار كما عليه البعض ، ولو تابعوه في الجهات لم يتحقق ذلك ، اللهم إلا أن يكون جهتهم حينئذ استقبال الامام ، والأمر سهل.
ثم يخطب ويبالغ في تضرعاته كما بالغ أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته (١) التي أولها « الحمد لله سابغ النعم » إلى آخرها ، وهي من الخطب العجيبة البديعة ، والأولى له اختيارها أو غيرها من المأثور عنهم عليهمالسلام ، ضرورة أنهم أعرف من غيرهم بذلك وبكيفية الخطاب معه تعالى ، فان لم يحسنها خطب من نفسه بما يتمكن من الحمد والثناء ، وعقبهما بالتضرع والدعاء كما صنع العباس عم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما قال له عمر بن الخطاب قم واستسق ، فإنه قام وحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : « اللهم إن عندك سحابا وإن عندك مطرا » إلى آخره. وظاهر المتن أن الخطبة بعد الصلاة بل وبعد فعل الأذكار ، ولا ريب فيه بالنسبة إلى الأول ، بل في السرائر وعن الخلاف والتذكرة الإجماع عليه وإن كان قد نفى البأس في الأخير بعد ذلك عن المحكي عن أحمد في إحدى الروايات من التخيير بين إيقاعها قبل الصلاة وبعدها ، لورود الأخبار بهما ، كما أنه استحسنه في المحكي عن المعتبر على تقدير القول به ، وفي خبر طلحة بن زيد (٢) عن الصادق عليهالسلام « ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى للاستسقاء ركعتين وبدأ بالصلاة قبل الخطبة وكبر سبعا وخمسا وجهر بالقراءة » ونحوه المرسل (٣) عن الباقر عليهالسلام بل وغيره أيضا في أصل تأخير الخطبة عن الصلاة ، بل لا خلاف فيه في النصوص سوى خبر إسحاق بن عمار (٤) عن الصادق عليهالسلام « الخطبة
__________________
(١) الفقيه ج ١ ص ٤٣٥ ـ الرقم ١٥٠٤ من طبعة النجف.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء ـ الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء ـ الحديث ٦.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء ـ الحديث ٢.