العسر والحرج. فيجب تخصيص أدلّة المنع بها.
ومنها ما يختصّ بالمضطرّ وإن عمّ المسكر وغيره ، فيتعارضان بالعموم من وجه ، فلو لم ترجّح أدلّة الجواز بالأكثريّة وموافقة الاعتبار والأصرحيّة يرجع إلى الأصل الأولي ، وهو مع الجواز ، فإذن الحقّ هو الأول.
وقد يجمع بين الأخبار بحمل المجوّزة على حال الضرورة وتوقّف السلامة ، والمانعة على جلب المنفعة وطلب التقوية وبقاء الصحّة ورفع الأمراض الجزئيّة ، وهو راجع إلى ما ذكرنا أيضا.
بقي الكلام فيما صرّح بأن الله سبحانه لم يجعل فيما حرّم شفاء ولا دواء ، فإنّه يدلّ على انتفاء حصول الاضطرار للتداوي بالمحرّمات ، ويستلزم انتفاء موضوع أدلّة القولين الآخرين.
قلنا : هذا كلام في الموضوع دون المسألة ، فإنّها فرضت فيما إذا أدّى الاضطرار إليه.
ولتحقيق الموضوع نقول : إنّه وإن ورد في الأخبار ذلك ، إلاّ أنّه يخالف ما يشاهد بالتجربة من المنافع في بعض المحرّمات ، وتطابقت عليه كلمات الأطبّاء الحذّاق.
وجمع بعضهم بينهما بأنّ التحريم مرتفع مع الضرورة ، فيصدق أنّ الله سبحانه لم يجعل فيما حرم شفاء ؛ لأنه حينئذ حلال (١).
وفساده ظاهر ؛ لتوقّف نفي التحريم حال الضرورة على وجود الشفاء فيه ، والنصّ يدلّ على انتفاء الشفاء فيه حتى يضطرّ إليه.
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٤ : ١٥٤.