دون الفتوى ، وشهرة الرواية إنّما هي مع الأخبار الأخيرة قطعا.
وقد ظهر من ذلك ترجيح روايات الجواز باعتبار الكثرة والشهرة بين الرواة ، التي هي من المرجّحات المنصوصة ، فإنّها تكاد تبلغ حدّ التواتر.
بل تترجّح عليها بموافقة إطلاقات الكتاب من وجوه :
أحدها : كون الكلب الجامع للأمرين الأولين من أفراد ما علّم ممّا علّمنا الله.
وثانيها : من جهة كون الباقي من الأكل من أفراد ما أمسك عليه.
وثالثها : من جهة عمومات الحلّ.
وتترجّح أيضا بموافقة الأصل وعمومات السنّة بحلّية كلّ شيء ، وبمخالفة العامّة قطعا ، التي هي أيضا من المرجّحات العظيمة ، كما صرّح به في صحيحة حكم.
وأمّا ما قيل من أنّ في بعضها المنع من أكل صيد الفهد ـ كما في موثقة سماعة ـ وهو ينافي الحمل على التقيّة ، لتحليل العامّة لصيد الفهد (١).
فضعيف غايته ، أمّا أولا : فلأنّه إنّما يصحّ إذا كانت الفقرتان حديثا واحدا ، وهو غير معلوم ، بل خلافه ظاهر ، حيث فصّل بين الجزئين بقوله : وسألته.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الترجيح بمخالفة العامّة لم يعلم أنّه لأجل الحمل على التقيّة.
هذا ، مع ما في أخبار المنع من ضعف الدلالة ، أمّا صحيحة رفاعة (٢) فلعدم اشتمالها على المنع من الأكل ، وإنّما غايتها أنّه إذا أكل لم يمسك ،
__________________
(١) رياض المسائل ٢ : ٢٦٣.
(٢) المتقدّمة في ص : ٢٩١.