ينبذوا ، فكان
الرجل منهم يأمر خادمه أن ينبذ له ، فيعمد إلى كفّ من تمر ، فيلقيه في الشنّ ،
فمنه شربه ومنه طهوره » فقلت : وكم كان عدد التمرات التي كانت تلقى؟ قال : « ما
يحمل الكفّ » قلت : واحدة واثنتين؟ فقال : « ربّما كانت واحدة وربّما كانت اثنتين
» فقلت : وكم كان يسع الشنّ ماء؟
قال : « ما بين
الأربعين إلى الثلاثين إلى ما فوق ذلك » فقلت : بأيّ الأرطال؟
فقال : « أرطال
بمكيال العراق » .
وإن أراد أنّه
يمكن حصول الغليان بمضيّها ، فلا شكّ أنّ مجرّد الإمكان أو الحصول في بعض الأحيان
لا يوجب التحريم المطلق ، مع أنّ الإسكار أيضا كذلك ، فإنّه ربّما يحصل بذلك
الإسكار سيّما في الهواء الحارّ والإكثار في الزبيب أو التمر.
والظاهر أنّ
التخصيص بما نقع أو نبذ غدوة وعشيّا لأجل أنّه مع فتح باب الإنباذ والنقيع مطلقا
يؤدّي إلى ما يحصل معه المحرّم من الغليان أو الإسكار بتكثير المنقوع والمنبوذ
وتطويل المدّة ، فلذا خصّ ذلك بالذكر ، ولا يعلم أنّه مظنّة التعدّي حتى يحصل
الغليان ، بل لعلّه مظنّة التعدّي حتى يحصل الإسكار.
بل يظهر من بعض
العامّة استلزام ذلك الغليان للإسكار ، فإنّه روى مسلم في صحيحه عن عائشة : إنّا
كنّا ننبذ لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غدوة فيشربه عشيّا ، وننبذه عشيّا فيشربه غدوة .
وروى فيه أيضا عن
ابن عبّاس : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينقع له
__________________