معناه الأصلي كما عرفت ، حتى تكون الثلاثة أقرب إليه من الواحدة ، وإطلاق بعض الفقهاء لا يجدي نفعا ، ونحن لا نقول ، : إنّ العصير حقيقة في العنبي خاصّة وضعا أوليّا أو ثانويّا ، ولا إنّه مستعمل فيه كذلك ، بل نقول : إنّا نعلم أنّه موضوع أو مستعمل في معنى يصدق على العنبي قطعا ، ولا نعلم غيره.
وممّا ذكرنا يظهر دفع بعض ما قيل في ذلك المقام من أنّ اختصاصه بالعنبي يحتاج إلى هجر غيره وهو غير معلوم ، أو إلى ارتجال وعدمه معلوم ، وأنّه لو سلّم أحدهما فأصالة تأخّر الحادث تقتضي تأخّره عن صدور الروايات ، ونحو ذلك ممّا لا يصلح للركون إليه بعد ما ذكرنا ، وإن صلح بعضها لتأيّد بعض المطالب لو تمَّ أصلها ومبناها.
ومنها : ما دلّ على حرمة كلّ شراب لم يذهب ثلثاه ، كصحيحة علي : عن الرجل يصلّي إلى القبلة لا يوثق به أتى بشراب زعم أنّه على الثلث فيحلّ شربه؟ قال : « لا يصدّق إلاّ أن يكون مسلما عارفا » (١) ، وروى مثله في قرب الإسناد (٢).
وموثقة الساباطي : عن الرجل يأتي بالشراب فيقول : هذا مطبوخ على الثلث ، فقال : « إن كان مسلما ورعا مأمونا فلا بأس أن يشرب » (٣).
والجواب عنه ـ مضافا إلى ما مرّ من إيجابه تخصيص الأكثر لو جعل من باب العموم والخصوص ـ أنّ الأولى غير دالّة على عدم جواز التصديق ،
__________________
(١) التهذيب ٩ : ١٢٢ ـ ٥٢٨ ، الوسائل ٢٥ : ٢٩٤ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٧ ح ٧.
(٢) قرب الإسناد : ٢٧١ ـ ١٠٧٨ ، الوسائل ٢٥ : ٢٩٤ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٧ ح ٧.
(٣) التهذيب ٩ : ١١٦ ـ ٥٠٢ ، الوسائل ٢٥ : ٢٩٤ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٧ ح ٦.