الواضع ، وهذا هو سبب القبح الذي يلاحظ في العرف وادّعاه المحقّقون ، وهو أمر مستمرّ لا ينفكّ أبدا ، وليس القبح لأجل أمر خارجي يزول بزواله ويعدّ من الموانع.
وأمّا ما ذكره ـ من زوال قبحه أحيانا بمراعاة بعض النكات واللطائف ـ فهو خطأ محض واشتباه بيّن يقضى منه العجب سيّما من هذا الجليل الشأن الذي ذكره ، فإنّ الاستعمالات التي ذكرها مراعيا فيها النكات واللطائف ليس من باب التخصيص ولا علاقة العموم والخصوص ، وإنّما هو تجوّز آخر وعلاقة أخرى. ولذا لا يرتفع القبح لو صرّح بالتخصيص ، فيقول : أكرم كلّ من جاء دارك إلاّ غير زيد العالم ، أو : ولا تكرم غير زيد العالم ، أو : أكلت كلّ رمّانة إلاّ غير الرمّانة الفلانيّة الحسنة. ولذا لو علم السامع بذلك ، ولكن لم يعلم خصوص مراده عددا ، لا يحمله على غير ما علم عدم إرادته ، كما هو شأن التخصيص.
ولو تنزّلنا عن الحكم ـ الباتّ بكون ذلك تجوّزا آخر ـ فلا أقلّ من احتماله المسقط للاستدلال ، لثبوت التوقيف وارتفاع القبح عن التخصيص.
ورابعا : أنّا سلّمنا أنّ القبح يرتفع بمراعاة اللطائف والنكات ، فما اللطيفة التي رفعته في تلك الأخبار والنكتة التي أزالته فيها؟!
فإنّ قلت : النكتة هو شيوع هذه الثلاثة وتعارفها وتداولها.
قلنا : مع أنّ كفاية مجرّد ذلك لرفع القبح غير معلوم ، إنّه إن أريد الشيوع وجودا ـ أي أنّ هذه العصيرات الثلاثة أكثر وجودا من غيرها ـ فهو ممنوع جدّا ، كيف؟! مع أنّ عصارة الزيت وسائر الحبوبات التي يستضاء بعصارتها وعصير الحصرم والرمّان والأترج والليمون وغير ذلك ليس بأقل من عصارة الزبيب قطعا.