والظاهر ـ كما صرّح به جماعة (١) ـ عدم اشتراط بقاء الرطوبة بعد الامتزاج أولا ، فيحرم رطبه ويابسه.
وتدلّ عليه صحيحة معمّر : ما يروي الناس في أكل الطين وكراهته؟
قال : « إنّما ذاك المبلول وذاك المدر » (٢) والمدر : هو الطين اليابس ، كما صرّح به أهل اللّغة (٣).
ومنه تظهر حرمته بعد اليبوسة أيضا.
ويمكن إثباتها باستصحابها أيضا وإن أمكن الخدش فيه. فما لم يمتزج أولا بالماء أو لم يعلم فيه ذلك لم يكن حراما ، كما صرّح به المحقّق الأردبيلي ، ثمَّ قال : والمشهور بين المتفقهة أنّه يحرم التراب والأرض كلّها حتى الرمل والأحجار (٤). انتهى.
وقد يستدلّ على حرمة التراب بما في الأخبار من استثناء طين قبر الحسين عليهالسلام ، فإنّ المراد منه ترابه فكذا المستثنى منه ، وبأنّ التراب أيضا مضرّ بالبدن قطعا ، فيكون لا محالة حراما.
وفيهما نظر ، أمّا الأول فلأنّ في القبر المقدّس أيضا طينا كما نشاهد من التربة الشريفة المأخوذة ، فإنّ ما رأيناه من المدر في الأغلب ، فيمكن أن يكون هو المراد من المستثنى ، مع أنّ في تقديرها بالحمّصة ورأس الأنامل إشعارا بالمدريّة أيضا.
__________________
(١) منهم المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة ١١ : ٢٣٥ ، المحقق السبزواري في الكفاية : ٢٥١ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٨٧.
(٢) الكافي ٦ : ٢٦٦ ـ ٧ ، التهذيب ٩ : ٨٩ ـ ٣٧٩ ، معاني الأخبار : ٢٦٢ ـ ١ ، الوسائل ٢٤ : ٢٢٠ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٥٨ ح ١.
(٣) لسان العرب ٥ : ١٦٢ ، القاموس المحيط ٢ : ١٣٦.
(٤) مجمع الفائدة ١١ : ٢٣٥.