خلافا للمحكيّ عن الشيخ في النهاية وكتابي الحديث (١) ، مستدلاّ برواية خالد بن الحجّاج : عن رجل بعته طعاما بتأخير إلى أجل مسمّى ، فلمّا جاء الأجل أخذته بدراهمي ، فقال : ليس عندي دراهم ولكن عندي طعام فاشتره منّي ، فقال : « لا تشتره منه ، لأنّه لا خير فيه » (٢).
ورواية عبد الصمد : أبيع الطعام من الرجل إلى أجل ، فأجيء وقد تغيّر الطعام من سعره ، فيقول : ليس عندي دراهم ، قال : « خذ منه بسعر يومه » ، قال : أفهم ـ أصلحك الله ـ إنّه طعامي الذي اشتراه مني ، قال : « لا تأخذ منه حتى يبيعه ويعطيك » (٣).
وفيهما ـ مع المخالفة للشهرة العظيمة المخرجة للخبر عن الحجّيّة ، واختصاصهما بالطعام ، وقد جوّز بعضهم الاختصاص به (٤) ، فلا إجماع مركّبا ، وأعمّية الأولى عن الطعام الذي اشتراه منه ، وعن البيع بالزيادة أو النقيصة ، ومطلوبه هما بخصوصهما ـ : أنّ أولاهما معارضة مع ما مرّ بالتساوي ، فيجب إمّا الرجوع إلى العمومات ، أو الحمل على الكراهة.
والثانية وإن كانت أخصّ منه مطلقا ـ لاختصاصها بالطعام الذي اشتراه وأعمّيته منه ـ إلاّ أنّ احتمال كون قوله : « لا تأخذ » جملة خبرية يمنع عن إثبات الزائد عن الكراهة عنه أيضا.
هذا إذا لم يشترط في متن العقد بيعه منه ثانيا.
__________________
(١) التهذيب ٧ : ٣٣ ، الاستبصار ٣ : ٧٧.
(٢) التهذيب ٧ : ٣٣ ـ ١٣٧ ، الاستبصار ٣ : ٧٦ ـ ٢٥٥ ، الوسائل ١٨ : ٣١١ أبواب السلف ب ١٢ ح ٣.
(٣) الفقيه ٣ : ١٣٠ ـ ٥٦٦ ، التهذيب ٧ : ٣٥ ـ ١٤٥ ، الاستبصار ٣ : ٧٧ ـ ٢٥٧ ، الوسائل ١٨ : ٣١٢ أبواب السلف ب ١٢ ح ٥.
(٤) انظر الحدائق ١٩ : ١٢٩.