وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له » (١).
لا يقال : إنّ تعارض الأخبار المجوّزة مع الأخبار الناهية عن غيبة المؤمن والمسلم بالعموم من وجه ، والترجيح للناهية بموافقة الكتاب.
فإنّا نقول : إنّ هذا إذا علم عموم الكتاب للمجاهر بالفسق أيضا ، وهو غير معلوم ، لأنّ الخطاب للمشافهين ، وكون واحد منهم مجاهرا بالفسق لم يعلم ، بل هو بالأصل مدفوع ، فإثبات الحكم للمجاهر بالشركة غير جائز.
ومقتضى الروايتين والصحيحة المتقدّمة وإن كان اختصاص الجواز بما جاهر وتظاهر به ، وعدم التعدّي إلى غيره من الأسواء ـ كما هو المصرّح به في كلام جماعة (٢) ـ إلاّ أنّ مقتضى البواقي التعميم ، فعليه الفتوى.
الثالث : من كان معروفا باسم يعرب عن غيبته.
وتدلّ عليه ـ بعد عمل العلماء ـ الروايتان ، والصحيحة المتقدّمة ، بل مقتضاها استثناء كلّ عيب عرفه الناس ولو لم يعرف به ، ولكنّ المستفاد منها عدم كون ذلك غيبة ، لا عدم الإثم عليه لو كان ممّا يكره صاحبه لو سمعه ، فيحرم لو كان كذلك ، لعمومات حرمة الإيذاء وإظهار العيوب (٣).
الرابع : إذا علم اثنان من رجل عيبا فذكره أحدهما عند الآخر ، استثناه بعضهم (٤) ، وهو تخصيص للعمومات من غير حجّة ، ورواية أبان (٥)
__________________
(١) الاختصاص ( مصنفات الشيخ المفيد ١٢ ) : ٢٤٢ ، مستدرك الوسائل ٩ : ١٢٩ أبواب أحكام العشرة ب ١٣٤ ح ٣.
(٢) منهم الشهيد في القواعد والفوائد ٢ : ١٤٨.
(٣) الوسائل ٨ : ٦٠٨ أبواب أحكام العشرة ب ١٥٧.
(٤) انظر القواعد والفوائد ٢ : ١٥١.
(٥) الكافي ٢ : ٣٥٨ ـ ٦ ، الوسائل ١٢ : ٢٨٩ أبواب أحكام العشرة ب ١٥٤ ح ٣.