وكرواية اخرى للهاشمي : عن رجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسمّاة أو بطعام مسمّى ، ثمَّ آجرها وشرط لمن يزرعها أن يقاسمه النصف أو أقلّ من ذلك أو أكثر ، وله في الأرض بعد ذلك فضل ، أيصلح له ذلك؟ قال : « نعم ، إذا حفر لهم نهرا أو عمل لهم شيئا يعينهم بذلك فله ذلك » (١).
وفيه ـ مضافا إلى ما مرّ ـ أنّا لا ننكر أنّه إذا ارتكب المحرّم وتقبّل فيكون تصرّفه وإجارته بعد ذلك حلالا ، إنّما الكلام في أصل التقبّل ، كمن دخل دار قوم بغير إذنهم وأخذ مال نفسه منها ، إلى غير ذلك.
وبعد الإحاطة بما ذكرنا تقدر على ردّ سائر ما أورد في هذا المقام من الأخبار.
ثمَّ إنّ مقتضى ما ذكر عدم جواز التقبّل من السلطان المخالف ، سواء في ذلك إمكان التصرّف بدون إذنه وعدمه ، إلاّ أنّه يمكن أن يمنع كون التقبيل منه لأجل الحاجة أو استيفاء الحقّ أو نحو ذلك إعانة على الإثم أو على الظلم أو دخولا في أعمال الظلمة ، فإنّ للقصد مدخليّة في تحقّق الإعانة ، كما بيّنا في موضعه.
وعلى هذا فيمكن أن يقال : بأنّ الثابت من الأدلّة وإن كان حرمة تقبيل الجائر ، ولكنّ الأصل ـ بضميمة ما مرّ من جواز تصرّف آحاد الشيعة فيها ـ يقتضي جواز تقبيل الشيعة منه ، إذ لا دليل على حرمته إلاّ كونه معاونة على الإثم أو للظالم أو دخولا في عمله ، والكلّ ممنوع ، فيجوز لهم التقبيل منه.
ويدلّ عليه تقريرهم عليهمالسلام جماعة من الشيعة على ذلك. فعليه الفتوى.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٧٢ ـ ٢ ، التهذيب ٧ : ٢٠٣ ـ ٨٩٦ ، الاستبصار ٣ : ١٢٩ ـ ٤٦٥ ، الوسائل ١٩ : ١٢٧ أبواب أحكام الإجارة ب ٢١ ح ٣ و ٤.