وثانيهما : إذا أمن من ارتكاب المحرّم والاقتدار على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيجوز حينئذ كما قيل (١) ، بل قال جماعة بالاستحباب حينئذ (٢) ، وقيل بالوجوب (٣).
استدلّ المجوّز بتعارض عمومات منع قبول الولاية عنه وإعانته ، وعمومات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بالنظر إلى دلالتها الالتزاميّة على وجوب المقدّمة ، التي هي قبول الولاية بالعموم من وجه ، ولم يظهر مرجّح فيعمل بمقتضى الأصل.
وردّ : بأنّ ذلك إذا كان وجوب الأمر والنهي المذكورين مطلقا حتى يجب تحصيل القدرة من باب المقدّمة.
وفيه : أنّ أدلّتهما مطلقة والأصل عدم التقييد ، والقدرة الذاتيّة المشروطة بها التكاليف حاصلة ، وإن كان تأثيرها موقوفا على رفع مانع هو التقيّة ، وهي بقبول التولية مرتفعة كما هو المفروض.
هذا ، مع أنّ من الظواهر ما يدلّ على ارتفاع الحرمة ، كمرسلة الفقيه : « كفّارة خدمة السلطان قضاء حوائج الإخوان » (٤).
وفي رواية زياد بن أبي سلمة : « لأن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة أحب إليّ من أن أتولّى لأحد منهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم ، إلاّ لتفريج كربة عن مؤمن أو فكّ أسره أو قضاء دينه » إلى أن قال : « فإن ولّيت
__________________
(١) انظر الرياض ١ : ٥١٠.
(٢) منهم الشيخ في النهاية : ٣٥٦ والمحقق في الشرائع ٢ : ١٢ والنافع : ١١٨ والعلاّمة في نهاية الإحكام ٢ : ٥٢٥.
(٣) كما في المسالك ١ : ١٦٨ ، والحدائق ١٨ : ١٢٦.
(٤) الفقيه ٣ : ١٠٨ ـ ٤٥٣ ، الوسائل ١٧ : ١٩٢ أبواب ما يكتسب به ب ٤٦ ح ٣.