الله عنهم ، فهو نقل تواتر لا تحلّ مخالفته ».
فابن حزم يرى بلوغ الخبر حدّ التواتر بنقل أربعة من الصحابة ، وقد علمت أنّ حديث الطير ورد عن اثني عشر من الصحابة ، فهو نقل متواتر قطعا.
لقد روى الجم الغفير والجمع الكثير من أعيان أهل السنّة ومشاهير الأمّة من الصّحابة والتابعين وأتباعهم وغيرهم ، من العلماء المتقدمين والمتأخّرين من الصدر الأوّل إلى هذا الحين ، حديث الطير ، وهو نقل تواتر قطعا ، لأنّ رواته مستندون فيه إلى الحس ، وقد بلغت كثرتهم حدّا يمنع تواطئهم على الكذب ، وبلغت طبقاتهم في الأوّل والآخر والوسط عدد التواتر ، وهذه هي الشروط التي يعتبرها أرباب الأصول في التواتر ، قال عضد الدّين الإيجي :
« قد ذكر في التواتر شروط صحيحة وشروط فاسدة ، أمّا الشروط الصحيحة فثلاثة ، كلّها في المخبرين : أحدها ـ تعدّدهم تعدّدا يبلغ في الكثرة إلى أن يمنع الاتفاق بينهم والتواطؤ على الكذب عادة. ثانيها ـ كونهم مستندين لذلك الخبر إلى الحس فإنّه في مثل حدوث العالم لا يفيد قطعا. ثالثها ـ استواء الطرفين والواسطة ، أعني بلوغ جميع طبقات المخبرين في الأول والآخر والوسط ، بالغا ما بلغ عدد التواتر » (١).
ولا يخفى ، أنه لا يشترط في حصول التواتر عدالة الرّواة بل لا يشترط الإسلام ، فلو كان جميع هؤلاء الرواة غير عدول بل غير مسلمين لحصل المطلوب ، فكيف وكلّهم من عدول رجال القوم!! أمّا عدم اشتراط ذلك فقد قال الإيجي : « ما ذكرناه هي الشروط المتفق عليها في التواتر ، أما المختلف فيه فقال قوم : يشترط الإسلام والعدالة كما في
__________________
(١) شرح مختصر الأصول ٢ / ٥٣.