الغُلاة وأمثالهم ، حتّى أنّ جمعاً منهم نسبوا إليهم ما لا أصل له مطلقاً ، كما هو المشهور إلى اليوم عندهم ، والجاري على ألسنتهم شائعاً ذائعاً بينهم من كون هذه الطائفة من أتباع الحسن الكاشي (٢) ، وأنّه الذي ابتدع لهم هذا المذهب بدعاً ، حتّى أنّ عند بعض منهم بياناً غريباً وحكايةً عجيبةً في هذه الدعوى ، مع أنّه من أجلى البديهيّات : أنّ الحسن لم يكن له كمال غير أنّه كان شاعراً جيّداً في الشعر ، لا سيّما فيما مدح فيه عليّاً عليهالسلام ، وكذا ما ذمّ به الثاني ، ولم يكن معدوداً عند الإماميّة ولا غيرهم من أهل العلم مطلقاً فضلاً عن التقدّم في المذهب ، حتّى أنّ أحداً منهم ولا من غيرهم لم يتوجّه إلى ذكر اسم هذا الرجل ، لا بالزين ولا بالشين ؛ حيث إنّه لم يكن بوجه ممّن يعبأ بشأنه .
وكذا ما هو المذكور في بعض كتب القوم ، بل المشهور عندهم أيضاً من كون عامّة أخبار هذه الطائفة من موضوعات ابن الراوندي (٢) ، مع أنّ
__________________
(١) هو المولى حسن بن . . . الكاشي ، فاضل ، عالم ، شاعر ، كان معاصراً للعلاّمة الحلّي ، وفي زمن السلطان محمّد خدابنده ، وللكاشي حقّ عظيم على الناس في هدايتهم وإلقاء الدين الحقّ عليهم ودعوتهم إلى التشيّع ، ولذلك كانت العامّة قديماً وحديثاً إلى الآن يعادونه ، بل يقولون : إنّه المبدأ لحدوث مذهب الشيعة في الدولة الصفويّة .
انظر : رياض العلماء ١ : ٣٠٨ .
(٢) أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي ، يكنّى أبا الحسين ، متكلّم مشهور ، ولم يكن في زمانه أحد أحذق منه بالكلام ، واتّهم بالزندقة ، ولعلّ هذا جاء من قِبَل المعتزلة ؛ لتحامله عليهم ، وله من الكتب المصنّفة نحو ١١٤ كتاباً ، منها : فضيحة المعتزلة . مات سنة ٢٤٥ أو ٢٥٠ هـ ، وقيل : سنة ٢٩٨ هـ .
انظر : الفهرست لابن النديم : ٢١٦ ، الكنى والألقاب ١ : ٢٧٧ ، تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٢٩١ ـ ٣٠٠) : ٨٤ ـ ٨٧ / ٨١ .