بتعيين النبيّ والوصيّ من بين الخلائق ، كما سيأتي في محلّه .
لكنّ ذلك اللعين لفرط جهله بحقيقة الحال جهـلاً بسيطاً ومركّباً أيضاً ـ كما يلوح من جداله بلا رجوع أصلاً ـ عاند في قبول أمر اللّه وإطاعة حُكمه بمحض ما رآه بهواه وقاسه بقياسه ، بحيث كان فاسداً ولم يتفطّن لفساده ، حتّى صار من المرجومين وهلك أبد الآبدين.
هذا ، مع أنّه كان في صميم ضميره أيضاً ما دعاه إلى الحسد لآدم والتعامي عن قبول حُكم خالق العالم ممّا بيّنّاه سابقاً من مرض الاستكبار وحبّ الارتفاع والاشتهار ، حتّى أنّه يظهر من بعض الأخبار أنّ أصل قصده في عباداته أيضاً كان الاشتهار من دون الخلوص للّه الواحد القهّار ، وأنّه لهذا حُرم عن الثواب الاُخروي ، ورضي بالجزاء الدنيوي .
ولا يخفى أنّ هذا أيضاً من أعظم عيوب الاعتماد على الرأي ؛ إذ كثيراً ما يكون شيء في صميم القلب فيدعوه ذلك إلى الميل إليه والاستدلال ـ ولو بالشبهة ـ عليه وإن لم يتفطّن له صاحب هذا الحال في وقت الميل والاستدلال .
وهذا ممّا نُقل وشوهد في كثير من آراء علماء الأعصار ، لا سيّما ما كان له مدخل في حصول الاعتبار والاشتهار ، وكيف يمكنهم إنكار ذلك وأوّلهم كان كذلك ؟ كما أنّهم لا يقدرون على جحد كثرة وقوع الخطأ في الرأي والقياس ، مع ظهور وجود ما في قياس معلّمهم ، كما ظهر من الاشتباه والالتباس ، وسنبيّن بعض ما هو من هذا القبيل إن شاء اللّه تعالى .
ومن شواهد صدق ذلك في الشيطان : عدم توجّه الشيطان إلى سجود الملائكة لآدم عليهالسلام ، مع ظهور كون مادّة خلقتهم خيراً من مادّة خلقة الجنّ .
ثمّ إنّ الشيطان لمّا وقع لأجل ما ذكرناه في غضب الرحمن ، وعادى