أيضاً من كتب القوم .
فهؤلاء كلّهم من المشهورين بالتفويضيّة والقدريّة والعدليّة ، ويقال لهم : المعتزلة أيضاً ، كما مرّ ، وقد ارتقى عدد معظم مذاهبهم المختلفة إلى عشرين كما ظهر ، وليس أحد منهم ـ على ما سيأتي ـ من مسلك الإماميّة ؛ حيث تركوا التمسّك بأذيال عترة نبيّهم العلماء بعلم اللّه الصادقين ، بل جعلوا مناط دينهم الاعتماد على الرأي والخيالات الكاسدة التي تبيّن ويتّضح أيضاً أن لا مدخل لها في شريعة سيّد المرسلين ، فقالوا ما قالوا بآرائهم وأهوائهم فاختلفوا وتفرّقوا .
نعم ، اتّفق لهم بعض كلام حقٍّ في ضمن سائر مقالاتهم السخيفة ، كنفي الجبر والتشبيه والصفات الزائدة القديمة عن اللّه عزوجل ، وكقول بعضهم بعصمة الأنبياء ، وتفضيل عليّ عليهالسلام ، والحكم بضلالة مخالفيه ونحو ذلك ؛ ولهذا صاروا أقرب من غيرهم إلى مذهب الإماميّة ، فتوهّم بعض الغافلين عن حقيقة الحال ، فقال : إنّ بعض ما ذهب إليه الإماميّة مأخوذ من هؤلاء ! وليس كذلك ؛ لما مرّ ويأتي من أنّ مناط مذهب الإماميّة ليس إلاّ الأخذ بما ثبت عندهم أنّه من أئمّتهم ، فافهم ولا تغفل عن لزوم الحكم بعدم كون الطائفة التي ورد أنّها ناجية فيهم من جهات اُخَر أيضاً .
منها : أنّ معظم تمييزهم عن سائر الفِرَق بالتفويض الذي قالوا به ، وهو ممّا لو اُغمض أيضاً عن بطلانه يرد عليه أنّه أمر مشترك بين فِرَق عديدة ، بحيث لا يتأتّى جعله مناط التمييز إلاّ بضميمة عقيدة غير مبتدعة تكون كاملة المدخلية في الدين ، ثابتة الحقّيّة بالأدلّة القطعيّة ، كمحكمات الكتاب وثابتات السنّة ، مختصّة بفرقة واحدة موجودة ، أي : فرقة لا يشاركها