ومنها قوله عليهالسلام : «واردُدْ إلى اللّه ورسوله ما يضلعك (١) من الخطوب ، ويشتبه عليك من الاُمور ، فقد قال سبحانه لقومٍ أحبّ إرشادهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) (٢) ، فالرادّ إلى اللّه : الآخذ بمحكم كتابه ، والرادّ إلى الرسول : الآخذ بسنّته الجامعة غير المتفرّقة» (٣) .
أقول : صراحة هذا في انحصار الحجّيّة مطلقاً في محكمات القرآن وثابتات السنّة لا غير ذلك ـ أيّ شيء كان ـ وكذا في نفي حكم لم يكن فيهما واضحة ؛ ضرورة أنّ الأمر بالرجوع إلى الشيء يقتضي وجوده . نعم ، هو عند أهله ، كما مرّ غير مرّة ويتّضح حقّ الاتّضاح ؛ ولهذا كلّ من ضلّ عن أهله فاته ذلك فلم يجد إليه سبيلاً .
وقد قال عليهالسلام في بعض خطبه أيضاً : «تاللّه ، لقد علّمت تبليغ الرسالات وإتمام العِدات وتمام الكلمات ، وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الأمر ، ألا وإنّ الشرائع واحدة وسُبله وحيدة ، من أخذ بها لحق وغنم ، ومن وقف عنها ضلّ وندم» (٤) .
وقال عليهالسلام لمعاوية : «سبحان اللّه ! ما أشدّ لزومك الأهواء المبتدعة ، والحيرة المتّبعة ، مع تضييع الحقائق واطّراح الوثائق» (٥) ، الخبر .
ومنه يظهر صريح كون معاوية من أهل البدع .
__________________
(١) يضلعك : يثقلك . انظر : النهاية لابن الأثير ٣ : ٩٦ ـ ظلع ـ .
(٢) سورة النساء ٤ : ٥٩ .
(٣) نهج البلاغة : ٤٣٤ ، الكتاب ٥٣ ، وفيه «الردّ» بدل «الرادّ» ، و«الأخذ» بدل «الآخذ» و«المُفرقة» بدل «المُتفرّقة» .
(٤) نهج البلاغة : ١٧٦ ، الخطبة ١٢٠ ، وفيه «قاصدة» بدل «وحيدة» .
(٥) نهج البلاغة : ٤١٠ ، الكتاب ٣٧ .