الباب الرابع
في بيان الامتحان باختلاف الطبائع وتباين الآراء وتفاوت
الأطوار والأفكار
اعلم أنّ اللّه عزوجل بناءً على مقتضى حكمته البالغة ومصلحته الكاملة ، جعل ممّا امتحن العباد به أيضاً أن خَلَقهم متفاوتة بحسب الآراء والأفهام ، متباينة بحسب الأذهان والأحلام ، حتّى أنّه قلّما يقع اتّفاق جميع آراء رجلين ، بحيث إنّهم لو تُركوا وآراءهم وما يدركونه بأفكارهم وأهوائهم لما اجتمعوا على حال ، ولا خرجوا عن حدّ التفرّق والاختلال ، ولما خلصوا من العمى والضلال ، فضلاً عن الاهتداء إلى أحكام اللّه الحكيم المتعالي ، وأنّه لأجل هذا ـ حيث أراد اللّه أن يجمعهم على الهدى ـ أنعم عليهم ـ كما سيأتي في المقالات ـ بالأنبياء والرسل والهداة ؛ ليبيّنوا لهم ما هو طريق النجاة ، ويزول به الشتات ، من المعارف اليقينيّات والأحكام المتقنات المتّفقات النازلات عليهم من اللّه عزوجل .
وأمر سائر الخلق بالتسليم لهؤلاء ، وأخذِ المعارف والأحكام منهم ،