رواة الأخبار من هذه الطائفة لم يعرفوا هذا الرجل ، فإنّه كان من المتكلّمين الذين كانوا يناظرون المخالفين على طريقتهم التي هي عند المحدّثين غير متينة .
لكن كأنّه كان قاهراً على خصومه ، بحيث وجدوا عليه فاتّهموه بما نسبوا إليه ، وإلاّ فهو ليس معدوداً من رواة الحديث ، ولا من شيوخ الإجازة عند أرباب الحديث ، حتّى أنّ الحقّ أنّ هذا الرجل الذي هم ذكروه ـ أعني : من اسمه أحمد بن يحيى الراوندي ـ كان من المعتزلة لا من الشيعة ، بل ليس فيهم من يُنسب إلى هذه النسبة غير السيّد الجليل فضل اللّه بن عليّ بن عبيداللّه الحسني الراوندي (١) الذي هو من الفقهاء الذين كانوا بعد زمان الشيخ الطوسي ، وأين له هذا وقد صُنّف قبل ميلاده ما لا يحصى من كتب الحديث ، كما هو واضح من أنّ أخبارهم مُعنعنة مضبوطة أحسن من ضبط مخالفيهم ، بحيث لا يمكن دخول مدلّس فيهم كما هو من أوضح الواضحات عند كلّ من تصفّح كتبهم ، وتفحّص عن حال الأخبار المذكورة فيها ، بل من هذا يظهر أيضاً أنّ من هذا القبيل عياناً ما هو مدار أكثر المخالفين عليه من القدح في جملة أخبار الإماميّة مصرّحين بكونها موضوعةً عن الأئمّة مع وضوح اقتران أكثرها بقرائن الصحّة ، وتصريح
__________________
(١) فضل اللّه بن عليّ بن عبيد اللّه الحسني الراوندي، يكنّى أبا الرضا، الملقّب بـ : «ضياء الدين» ، علاّمة دهره واُستاذ أئمّة عصره ، جمع مع علوّ النسب كمال الفضل والحسب ، وهو من أساتيد ابن شهر آشوب، له كتب فائقة نافعة ، منها : ضوء الشهاب ، والأربعين في الأحاديث ، وأدعية السرّ وغيرها . مات سنة نحو ٥٦٠ هـ .
انظر : رياض العلماء ٤ : ٣٦٤ ، الدرجات الرفيعة : ٥٠٦ ، الكنى والألقاب ٢ : ٣٩٥ ، هدية الأحباب : ١٩٠ ، الأنساب ٤ : ٤٢٦ ، الأعلام ٥ : ١٥٢ .