وصلوا إلى حدّ التعطيل ، لا يفهمون من مثل هذا الكلام غير التشبيه ، مع أنّه ليس من التشبيه في شيء ، كما مرّ بيانه ، وأمثلة هذا كثيرة ، ومثل هذا التوهّم شائع جدّاً ، بل أكثر مواقع طعن الصلحاء المتورّعين من هذا الباب .
ثمّ قد بيّنّا (١) سابقاً أيضاً أنّه قد يكون المناط في نسبة السوء إلى شخص كونه قائلاً به ، أو متّصفاً به وقتاً ما وإن كان قد رجع عنه أخيراً .
وممّا يدلّ على قرب هذا الاحتمال هاهنا ما يدلّ على أنّ أكثر هؤلاء الجماعة كانوا أوّلاً من غير الإماميّة ، ثمّ حصل لهم الاستبصار ببركة التشرّف بخدمة الأئمّة عليهمالسلام .
فمن ذلك ما رواه الكشّي عن عمر بن يزيد (٣) وكان ابن أخي هشام ابن الحكم ، وخلاصته أنّه قال : كان هشام يذهب في الدين مذهب الجهميّة خبيثاً فيهم ، فسألني أن اُدخله على أبي عبداللّه عليهالسلام ليناظره ، فاستأذنت أبا عبداللّه عليهالسلام فيه ، فأذن لي حتّى نقلت له رداءته وخبثه ، فقال عليهالسلام : « تتخوّف عليَّ » ، فأعلمت هشاماً بالإذن ، فبادر واستأذن ودخل ودخلت معه ، فسأله الإمام عليهالسلام عن مسألة فحار هشام ، فاستمهله في الجواب فأمهله ، وبقي هشام أيّاماً في طلب الجواب فلم يقف عليه ، فرجع إلى الإمام عليهالسلام واعترف بالعجز عنده ، فأخبره الإمام عليهالسلام ، وسأله عن مسألة اُخرى ، فيها فساد أصله وعقيدته ، فاغتمّ هشام لذلك وبقي متحيّراً في الجواب أيّاماً ، ثمّ انصرف إلى الإمام عليهالسلام وترك مذهبه ودان بدين الحقّ ،
__________________
(١) انظر ص ٣٩٦ وما بعدها .
(٢) لعلّه عمر بن يزيد بن ذبيان الصّيقل ، يكنّى أبا موسى ، من أصحاب الصادق عليهالسلام ، ثقة ، له كتاب ، أخبر بذلك عدّة من الأجلّة .
انظر : رجال النجاشي : ٢٨٦ / ٧٦٣ ، تنقيح المقال ٢ : ٣٤٩ / ٩٠٦٢ .