و الناس ــ و إن تنازعوا في اللّفظ العامّ الوارد على سبب، هل يختصّ بسببه؟ ــ فلم يقل أحد : إنّ عمومات الكتاب و السنّة تختصّ بالشخص المعيّن، و إنّما غاية ما يقال إنّها تختصّ بنوع ذلك الشخص، فتعمّ ما يشبهه.
و الآية التي لها سبب معيّن، إن كانت أمرا أو نهيا، فهي متناولة لذلك الشخص و لغيره ممّن كان بمنزلته، و إن كانت خبرا بمدح أو ذمّ، فهي متناولة لذلك الشخص و لمن كان بمنزلته (١) .
و الجواب عن هذه الشّبهة :
أوّلا : إنّ ما ذكره من «لزوم تعميم الحكم، و عدم قابليّة الآية للتخصيص بشخص معيّن» إنّما يبتني على فرضين :
١ ــ أن يكون الحكم الوارد في الآية شرعيّا فقهيّا.
٢ ــ أن يكون لفظ الموضوع فيها عامّا.
و هذان الأمران متوفّران في الأمثلة التي أوردها، كما هو واضح.
أمّا إذا كانت الآية تدلّ على حكم غير الأحكام الشرعيّة التكليفيّة أو الوضعيّة، أو كان الموضوع فيها بلفظ خاصّ لا عموم فيه، فإنّ ما ذكره من لزوم التعميم و امتناع التخصيص، باطل.
توضيح ذلك : إنّ البحث عن أسباب النزول ليس خاصّا بآيات الأحكام ــ و هي الآيات الخمسمائة المعروفة ــ بل يعمّ كلّ الآيات بما فيها آيات العقائد و القصص و الأخلاق و غيرها، و من الواضح أنّ من غير المعقول
__________________
(١) المصدر نفسه (ج ١ ص ١١٢).