وان كان الخبران يوافقان العامة، أو يخالفانها جميعاً نظر في حالهما فان كان متى عمل بأحد الخبرين ، أمكن العمل بالخبر الاخر على وجه من الوجوه، وضرب من التأويل، واذا عمل بالخبر الاخر لا يمكن العمل بهذا الخبر، وجب العمل بالخبر الذي يمكن مع العمل به العمل بالخبر الاخر ، لان الخبرين جميعاً منقولان مجمع على نقلهما (۱)، وليس هناك قرينة تدل على صحة أحدهما، ولا ما يرجح أحدهما به على الآخر، فينبغي أن يعمل بهما اذا أمكن ، ولا يعمل بالخبر الذي اذا عمل وجب اطراح العمل بالخبر الآخر ، وان لم يمكن العمل بهما جميعاً لتضادهما وتنافيهما، وأمكن (۲) حمل كل واحد منهما على ما يوافق الخبر الاخر على وجه ، كان الانسان مخيراً (۳) في العمل بأيهما شاء .
____________________________________________
حمل كلامه هنا على التأييد بعد الدليل، فلا يمكن في صورة عمل أكثر الطائفة باحدى الروايتين فانه اكتفى فيها بأن الكثرة امارة الرجحان، والعمل بالراجح واجب تدبر .
(۱) قوله (مجمع على نقلهما) قد مر معناه فتذكر .
(۲) قوله ( وأمكن الخ) الأولى أو أمكن .
(۳) قوله ( كان الانسان مخيراً الخ) هذا مبني على ان تعارض الخبرين لا يوجب تساقطهما والرجوع الى ما يقتضيه العقل ، وانما اطلق هذا اعتماداً على ما سيجيء من الترجيح من بعض الوجوه .