المشكك فيما يحصل من العلم عند الاخبار ، كالمشكك فيما يحصل عند المشاهدة وغيرها من ضروب الادراكات من السوفسطائية (۱) وأصحاب العنود ومدخل الشبهات في هذا ، كمدخل الشبهات في ذلك . لان نفوسنا تسكن الى وجود البلدان التي لم نشاهدها، مثل الصين، والهند، والروم، وغير ذلك مما لم نشاهدها، والى وجود الملوك وغيرهم، والى هجرة النبى صلىاللهعليهوآله، والى وقوع المغازى ، وحصول الوقائع الحادثة فى الايام الماضية، كما تسكن الى العلم بالمشاهدات فمن ادعى فيما يحصل عند الاخبار انه ظن وحسبان ، كمن ادعى ذلك فى المشاهدات، وهذا القدر كاف في ابطال هذا المذهب، لانه ظاهر البطلان .
فأما كيفية حصول هذا العلم ، فقد اختلف العلماء في ذلك.
فذهب أبو القاسم البلخي ومن تبعه، الى أن الاخبار المتواترة التي تحصل عندها العلوم لكل عاقل كلها مكتسبة . والى ذلك يذهب شيخنا أبو عبد الله رحمهالله
وذهب أبو على (۲) وأبو هاشم ، والبصريون، وأكثر الفقهاء، و
__________________
(۱) قالت السوفسطائية: لا حقيقة للاشياء، وانما هي خيالات ليس لها صفات ولا حالات متغايرات، ولا يقال موجودة ولا معدومة قياساً على ما يرى ولا حقيقة له .
(۲) محمد بن عبد الوهاب الجبائي بن سلام بن خالد بن حمران بن ابان مولی عثمان ابن عفان من رؤساء المعتزلة. توفي سنة (۳۰۳هـ .) .