والذي يكشف عن ذلك انه لما كان العمل بالقياس محظوراً في الشريعة عندهم لم يعملوا به أصلا، واذا شذ منهم واحد عمل به في بعض المسائل، أو استعمله على وجه المحاجة لخصمه، وان لم يعلم اعتقاده تركوا قوله أو أنكروا عليه وتبرأوا من قوله ، حتى انهم يتركون تصانيف من وصفناه ورواياته لما كان عاملا بالقياس فلو كان العمل بخبر الواحد يجرى ذلك المجرى، لوجب أيضاً فيه مثل ذلك وقد علمنا خلافه .
فان قيل : كيف تدعون الاجماع على الفرقة المحقة في العمل بخبر الواحد، والمعلوم من حالها انها لاترى العمل بخبر الواحد، كما ان المعلوم من حالها انها لا ترى العمل بالقياس، فان جاز ادعاء أحدهما جاز ادعاء الآخر .
يقال لهم: من حالها الذى لا ينكر ولا يدفع انهم لا يرون العمل بخبر الواحد الذي يرويه مخالفهم في الاعتقاد ويختصون بطريقه فأما ما يكون راويه منهم، وطريقه أصحابهم ، فقد بينا ان المعلوم خلاف ذلك، وبينا الفرق بين ذلك وبين القياس أيضاً. وانه لو كان معلوماً حظر العمل بخبر الواحد، لجرى مجرى العلم بحظر القياس وقد علم خلاف ذلك .
فان قيل : أليس شيوخكم لاتزال يناظرون خصومهم في ان خبر الواحد لا يعمل به، ويدفعونهم عن صحة ذلك، حتى ان منهم