فأما الطريق الذى به يعلم كذب الخبر، فلا يجوز أن يكون الخبر سواء أوجب (۱) العلم ضرورة أو اكتساباً. ويفارق الكذب في هذا الباب الصدق، لانا بالخبر نعلم صدق الخبر ولا نعلم به كذبه، بل العلم بكذبه يحتاج الى امور اخر .
والاخبار على ضربين أحدهما : يعلم كونه كذباً ضرورة، وهو أن يعلم ضرورة ان مخبره على خلاف ما تناوله فيعلم انه كذب ، ولذلك قلنا : ان المخبر عن كون فيل بحضرتنا، يعلم بطلان خبره بالاضطرار، لانه لو كان هناك فيل لرأيناه .
والضرب الاخر يعلم كونه كذباً باكتساب، وهو كل خبر نعلم ان مخبره على خلاف ما تناوله بدلیل عقلى، أو بالكتاب، أو السنة أو الاجماع .
وقد يعلم ذلك بأن يكون لو كان صحيحاً، لوجب قيام الحجة به على المكلفين أو بعضهم. فاذا لم تقم به الحجة، علم انه باطل .
والعلة في ذلك ، ان الله تعالى لا يجوز أن يكلف عباده فعلا ولا يزيح (۲) علتهم (۳) في معرفته، فاذا صح ذلك، وكان ذلك الفعل
____________________________________________
(۱) قوله (أن يكون الخبر سواء أوجب) ضمير يكون واجب للطريق .
(۲) قوله ( ولا يزيح) من الازاحة ، أي لا يزيل .
(۳) قوله (علتهم) أي عذرهم .