ويتبين من ذلك ، انه لو كانت العاديات علوماً لكان خرق العادة للاعجاز محالا في نفسه عقلا، فلم يمكن اثبات النبوات به کمامر. فنقول: فيما نحن فيه نعلم يقيناً انه قد يحصل لنا العلم القطعي بمراد الله بخطابه، وجواز كونه تعالى مخاطباً بشيء لا يريد به شيئاً أصلا، بأن يكون للمصلحة ينافي استلزام موجب ذلك العلم له ، يعنى يستلزم أن يكون ذلك التصديق علماً ، فيحصل العلم باستحالته عقلا .
وكذلك القول في المعجز ، فانا نعلم قطعاً انه اذا ظهر المهدي عليهالسلام و ادعى الامامة ، وقال : معجزتي أن أقلع جبل الصفا من موضعه ، وأضعه في موضع كذا ففعل ، يحصل العلم القطعي بصدق دعواه . فكل ما ينافي تحققه استلزام المعجز للعلم بالصدق ككونه صادراً عن الله تعالى، لا لاجل التصديق بل لمصلحة اخرى هي الابتلاء مثلا ، أو لا لمصلحة، أو لاجل التصديق كذباً بناء على بطلان قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ، وكونه صادراً عن العبد على وفق العادة القريبة، أو خارقاً للعادة من الجن أو من الملك ، وكونه مما يمكن أن يعارض وأمثال ذلك مما ينافي تحققه استلزام المعجز للعلم بالصدق يعلم استحالته عقلا، فهو دليل آني عليها .
وكذا نقول الاخبار عن الغيب معجز، يعلم به صدق مدعى النبوة. وكون العلم بالغيب مما يحصل عادة بالرياضة وصفاء الباطن، وكون بعض العلوم مما يمكن أن يكون ضرورياً بالنسبة الى شخص كصاحب نفس قدسية ونحوه، و كسبياً بالنسبة الى آخر ونحو ذلك مما ينافي استلزام ذلك للعلم بالصدق ، فيحكم باستحالته عقلا، وهذا دليل عقلي آني على استحالته لا سمعي ، لانه لاحاجة فيه الى أخبار النبي صلىاللهعليهوآله بذلك .
نظيره انا لا نعلم في أول الملاحظة انه هل يمكن عقلا أن يخلق الله تعالى