لان ذلك عبث لا فائدة فيه تعالى الله عن ذلك . وليس لاحد أن يقول يجوز أن لا يفيد بخطابه شيئاً أصلا ، ويكون وجه حسنه المصلحة ، لان ذلك يؤدي الى أن لا يكون طريق الى معرفة المراد بخطابه أصلا (۱) .
_________________________
(۱) قوله ( لان ذلك يؤدي الى أن لا يكون طريق الى معرفة المراد بخطابه اصلا الخ ) اشارة الى ضابطة هي : ان كل قضية يحصل لنا العلم القطعي بها بطريق من الطرق ، فيمكن لنا أن نستدل عقلا بالعلم بصدقها ، على استحالة ما ينافي حصول ذلك العلم من ذلك الطريق ، وان لم يكن جهة الاستحالة معلومة لنا ، وذلك لان العلم سواءِ كان ضرورياً أو كسبياً لا بد له من موجب مخصوص يمتنع عقلا تحققه بدون ذلك العلم ، ولا بد المتعلقه في تعلقه به من موجب مخصوص يمتنع تحقق ذلك الموجب بدون صدق متعلق العلم مما ينافي العلم اما مناف لاحد الموجبين ، واما مناف لايجابه واستلزامه .
فالاول : يستحيل عقلا اجتماعه مع الموجب .
والثاني : يستحيل عقلا تحققه مطلقاً ، وعلى هذا يبطل ما يتوهم من كون العاديات ، أي نحو عدم انقلاب الجبل ذهباً علوماً ، لان خرق العادة ممكن من الفاعل المختار ، وهو مناف لاستلزام العلم بكون شيءِ عادياً للعلم بتحققه وقد مر تفصيله في حد العلم .
ويبطل أيضاً ما مثلوا به كون العاديات علوماً ، من انّا اذا شاهدنا زيداً في مكان علمنا وقوعه فيه ، مع امكان عدم وقوعه فيه في نفسه ، وذلك لان عدم وقوعه فيه لا ينافي استلزام المشاهدة له فيه للعلم انما ينافي وقوعه فيه ، فهو مستحيل الاجتماع عقلا معه ، لا مستحيل في نفسه عقلا .