والنظر لا يولد الجهل (۱)
____________________________________________
ولو اريد بالهندسة مسائل علم الهندسة كان عدم المطابقة باعتبار الموضوع و المحمول معاد .
حاصل الدليل انه لو كان حصول العلم عقيب النظر الجامع للشروط اتفاقياً بدون ايجاب ، لكان نسبة النظر الى جميع العلوم على السوية ، فيستحيل أن يكون مطابقاً لما يطلبه دائماً . وهذا نظير الاستدلال بمطابقة كلام زيد للغة العرب في كل ما يتكلم به ، في بيان أغراضه على أنه عارف باللغة العربية ، بناء على استحالة أن يكون الاتفاقى بهذا الاستمرار والمطابقة الا ولم يبق فرق بين الواجب والاتفاقي أصلا كما في تقرير الدليل الأول .
لا يقال : لوتم هذا الدليل لكانت الامارة موجبة للظن، لان الظن الحاصل بها لا يكون الا مطابقاً .
لانا نقول : المراد بقوله (يقع) انه يقع دائماً ، فلا يستدل بمحض المطابقة بل بدوامه مع المطابقة .
أو نقول : تقرير الدليل هكذا ، لو كان العلم عقيب النظر اتفاقياً وبدون ايجاب ، لكان اما لعدم المقتضي ، أو لوجود المانع . والثاني باطل ، اذ لا يتصور مانع الا المعارض ، وهو محال . لان تعارض الدليلين محال، والامارة تضمحل بمعارضة الدليل ، وكذا الأول لاستحالة المطابقة كما مر . وفيه انا لا نسلم انحصار المانع فيما يعارض الدليل ، فان مانع العلم أعم من مانع المعلوم .
(۱) قوله (والنظر لا يولد الجهل) أي ليس شيء من النظر موجباً عقلا للجهل المركب بشيء من حيث أنه نظر، أي بدون أن ينضم اليه شيء خارج