إلّا تقييد الحكم في طرف المفهوم وإخراج بعض أفراده ، وهذا ليس من إخراج المورد المستهجن في شيء.
ومنها : ما عن «غاية البادي» ، من أنّ المفهوم يدّل على عدم وجوب التبيّن وهو لا يستلزم العمل لجواز وجوب التوقف. وكأنّ هذا الإيراد مبني على ما تقدّم فساده من إرادة وجوب التبيّن نفسيّا ، وقد عرفت ضعفه ، وأنّ المراد وجوب التبيّن لأجل العمل عند إرادته ، وليس التوقف ـ حينئذ ـ واسطة.
____________________________________
وثانيا : بعدم قبح إخراج المورد في المقام ، وهو يرجع إلى عدم بطلان التالي في المقام.
وبيان ذلك : إنّه لو سلّمنا اختصاص مورد الآية بالموضوعات لما كان ذلك مستلزما لخروج جميع أفراد الخبر عن المورد ، حتى يكون مستهجنا وقبيحا ، وخروج بعض الأفراد وإن كان يلزم ولكن ليس قبيحا حتى يكون باطلا.
فيكون معنى الآية حينئذ : إن جاءكم فاسق بنبإ الارتداد ونحوه فتبيّنوا ، وإن جاءكم عادل بنبإ الارتداد ، فلا يجب عليكم التبيّن.
نعم ، اختصاص المورد بالموضوعات يستلزم تقييد الحكم بالحجّية بالتعدد ، فيخرج بعض أفراده عن المورد كخبر العادل بالارتداد ونحوه من دون ضم عادل آخر.
(وهذا ليس من إخراج المورد المستهجن في شيء) إذ إخراج المورد المستهجن هو إخراجه بحيث لا يبقى شيء ، وفي المقام لا يلزم إخراج المورد بهذا المعنى ، كما لا يخفى. (ومنها : ما عن «غاية البادي» من أنّ المفهوم يدل على عدم وجوب التبيّن وهو لا يستلزم العمل لجواز وجوب التوقف).
وملخّص الإشكال على مفهوم الآية : هو أنّ المدّعى في المقام هو حجّية خبر العادل ووجوب العمل به ، ومفهوم الآية إنّما يدل على عدم وجوب التبيّن فيه ، ولا يدل على وجوب العمل به ليكون دليلا على ما هو المدّعى في المقام.
غاية الأمر ، بعد نفي وجوب التبيّن عن خبر العادل بمفهوم الآية ، يدور الأمر بين ردّ خبره وقبوله من دون تبيّن ، والآية ساكتة عنهما ، فالنتيجة هي أنّ الآية لا تدل على حجّية خبر العادل ، بل ساكتة.
(وكأنّ هذا الإيراد مبنيّ على ما تقدّم فساده من إرادة وجوب التبيّن نفسيا ... إلى آخره).