أمّا توقّف العلم ببعض الأفراد وانكشاف فرديته على ثبوت الحكم لبعضها الآخر ـ كما فيما نحن فيه ـ فلا مانع منه.
وثالثا : بأنّ عدم قابليّة اللفظ العامّ لأن يدخل فيه الموضوع الذي لا يتحقّق ولا يوجد إلّا بعد ثبوت حكم هذا العامّ لفرد آخر ، لا يوجب التوقّف في الحكم إذا علم المناط الملحوظ في الحكم العامّ ، وأنّ المتكلم لم يلاحظ موضوعا دون آخر ، فإخبار عمرو بعدالة زيد فيما لو قال المخبر : أخبرني عمرو بأنّ زيدا عادل ، وإن لم يكن داخلا في موضوع ذلك الحكم العامّ ، وإلّا لزم تأخّر الموضوع وجودا عن الحكم ، إلّا أنّه معلوم أنّ هذا الخروج مستند إلى قصور العبارة وعدم قابليّتها لشموله ، لا للفرق بينه وبين غيره في نظر المتكلّم حتّى يتأمّل في شمول حكم العامّ له.
____________________________________
(أمّا توقّف العلم ببعض الأفراد وانكشاف فرديته على ثبوت الحكم لبعضها الآخر ـ كما فيما نحن فيه ـ فلا مانع منه) إذ لا مانع من أن يكون الحكم الثابت لخبر الشيخ رحمهالله سببا للعلم بفردية خبر المفيد ، وهكذا إلى أن ينتهي إلى قول الإمام عليهالسلام ، فيكون من قبيل ثبوت موضوع حكم تعبّدا بحكم موضوع آخر.
ومن هنا يظهر الجواب عن الوجه الثالث وهو لزوم اتحاد الحكم والأثر ، فلا يلزم اتحادهما شخصا ، وما يلزم من اتحادهما نوعا لا يكون باطلا.
ثمّ يشير المصنّف رحمهالله إلى جواب آخر بقوله : (وثالثا : بأنّ عدم قابلية اللفظ العامّ لأن يدخل فيه الموضوع الذي لا يتحقّق ولا يوجد إلّا بعد ثبوت حكم هذا العامّ لفرد آخر ، لا يوجب التوقّف في الحكم ... إلى آخره) ، أي : إنّ العام بحسب اللفظ لا يشمل ما لا يتحقّق إلّا به ؛ لأن الموضوع يجب أن يكون محقّقا وثابتا قبل العام ، ولكنّ هذا صحيح فيما إذا كان العام ـ أي : صدق العادل ـ قضية خارجية يترتّب الحكم فيها على خصوص أفراد الموضوع الموجود في الخارج فعلا.
فحينئذ لا يمكن أن يكون وجوب التصديق لخبر الشيخ مترتّبا على خبر المفيد قدسسرهما لكونه مثبتا له ، فكيف يترتّب عليه؟ وليس صدق العادل قضية خارجية ، بل هذه القضية قضية حقيقية يترتّب فيها الحكم على طبيعة الموضوع ، ومنها يسري إلى أفرادها الخارجية المحقّقة أو المقدّرة.