ونظير هذا التوهّم قد وقع في الشبهة الوجوبيّة حيث تخيّل بعض أن دوران ما فات من الصلاة بين الأقل والأكثر موجب للاحتياط من باب وجوب المقدّمة العلميّة ، وقد عرفت وسيأتي اندفاعه.
فإن قلت : الضرر محتمل في هذا الفرد المشتبه ، لاحتمال كونه محرّما فيجب دفعه.
____________________________________
بين الأقل والأكثر ، وهو مجرى الاحتياط ، كما هو واضح.
وقد تقدّم الجواب عن ذلك بما ملخّصه : هو حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، لأنّ البيان يحصل بالعلم تفصيلا أو إجمالا ، وفي المقام ليس الموضوع معلوما ، لا تفصيلا ولا إجمالا ، فيقع مجرى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وذلك لانتفاء البيان.
(ونظير هذا التوهّم قد وقع في الشبهة الوجوبيّة حيث تخيّل بعض أنّ دوران ما فات من الصلاة بين الأقل والأكثر موجب للاحتياط).
فيجب الإتيان بكلّ ما يحتمل فواته من الصلوات من باب المقدّمة العلميّة ، ولا يجوز التمسّك بحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان لوجود بيان وجوب قضاء ما فات بقول الشارع : (واقض ما فات كما فات) (١) ، وقد ظهر الجواب عنه ممّا تقدّم من أنّ الواجب ما علم فوته فقط ، وأمّا المشكوك ، فلا يجب قضاؤه ، لأدلّة البراءة الشرعيّة والعقليّة ، هذا مع أنّ عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبيّة الموضوعيّة اتّفاقي.
(فإن قلت :) إن (الضرر محتمل في هذا الفرد المشتبه ، لاحتمال كونه محرّما فيجب دفعه).
وملخّص الإشكال يتّضح بعد مقدّمة :
وهي أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، كما لا تجري فيما إذا كان هناك بيان شرعا ، كذلك لا تجري فيما إذا كان هناك بيان عقلا ، فبناء على هذا يتّضح لك عدم جريان هذه القاعدة في المقام ؛ وذلك لأنّ البيان الشرعي وإن كان منفيّا إلّا إنّ البيان العقلي يكون موجودا ، لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، ومن المعلوم أنّ احتمال الضرر موجود في كلّ محتمل الحرمة ، فيكون الضرر محتملا في الفرد المشتبه لاحتمال كونه محرّما ، فيجب دفعه بقاعدة وجوب دفع الضرر الواردة على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، كما تقدّم تفصيل
__________________
(١) انظر الوسائل ٤ : ٢٧٦ ، أبواب المواقيت ، ب ٥٧ ، ح ٦.