والحكم في ذلك كلّه كما في المسألة الاولى ، والأدلّة المذكورة من الطرفين جارية هنا.
وربّما يتوهّم أنّ الإجمال إذا كان في متعلّق الحكم ، كالغناء وشرب الخمر الغير المسكر ، كان ذلك داخلا في الشبهة في طريق الحكم ، وهو فاسد.
____________________________________
حرام يقينا ، لصدق الغناء عليه قطعا ، وكل واحد من المعنيين الأخيرين محتمل الحرمة ، فنجري فيهما البراءة.
الثاني : أن يكون الإجمال من جهة الشكّ في شمول إطلاق اللفظ لبعض أفراده الخفيّة بعد العلم بالوضع ، كالشكّ في دخول الخمر غير المسكر في المراد من قول الشارع : الخمر حرام ، فيما إذا لم يكن هناك إطلاق وإلّا فيؤخذ به.
ثمّ إن هذه الأقسام كلّها تكون من قبيل الشبهة الحكميّة فتكون داخلة في محل النزاع ، ومن المعلوم أنّ الملاك في كون الشبهة حكميّة أن تكون الشبهة ناشئة من فقدان النصّ ، أو إجماله ، أو تعارضه ، ولا شكّ في صدق الإجمال في جميع الصور المذكورة.
فتوهّم خروج ما إذا كان الإجمال في متعلّق الحكم بقسميه عن الشبهة الحكميّة ، ودخوله في الشبهة الموضوعيّة التي تسمّى بالشبهة في طريق الحكم عند الأخباريّين فاسد.
وذلك لأنّ الملاك في كون الشبهة موضوعيّة أن تكون الشبهة ناشئة من جهة الشكّ في مصاديق مفاهيم ألفاظ الخطاب بعد العلم بالوضع ، كاشتباه مصداق الخمر بين الإناءين بعد العلم بما وضع له لفظ الخمر في قول الشارع : اجتنب عن الخمر ، ولكن هذا الملاك منتف في المقام ، فتكون الشبهة حكميّة.
(والأدلّة المذكورة من الطرفين) أي : الاصولي والأخباري (جارية هنا) أي : في المسألة الثانية ، فلا يحتاج إلى تكرارها.
ويمكن الفرق بين المسألة الاولى والثانية فيما إذا قلنا باعتبار أصالة البراءة من باب الظنّ ، كما تقدّم من جماعة منهم صاحب المعالم ، إذ تجري البراءة في المسألة الاولى لتحقّق مناط الاعتبار فيها ، بخلاف المسألة الثانية لعدم جريان البراءة فيها ، وذلك لعدم حصول الظنّ بعدم الحكم بعد وجود النصّ المجمل.
وهكذا لا يجري في المقام بعض الأدلّة المتقدّمة كقوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) (١) إذ النهي قد ورد في المقام وإن كان مجملا. وعدم جريان بعض الأدلّة لا يختصّ بقول من يقول باعتبار البراءة من باب الظنّ ، كما لا يخفى.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧. الوسائل ٢٧ : ١٧٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٧.