الغاية وفضيح إلى النهاية ، كما يعلم من قول القائل : صدّق زيدا في جميع ما يخبرك ، فأخبرك زيد بألف من الأخبار ، ثم أخبر بكذب جميعها ، فأراد القائل من قوله : صدّق ... إلى آخره ، خصوص هذا الخبر.
وقد أجاب بعض من لا تحصيل له : بأنّ الإجماع المنقول مظنون الاعتبار ، وظاهر الكتاب مقطوع الاعتبار.
____________________________________
ومستهجن ، وقد أشار المصنّف رحمهالله إليه بقوله : (ولا ريب أنّ التعبير عن هذا المقصود) وهو عدم حجّية خبر العادل (بما يدلّ) على عموم حجّية(خبر العادل) وهو نقيض المطلوب ، بل التعبير الصحيح في أداء هذا المقصود منطوق الآية بأن يقول : إن جاءكم عادل بنبإ فتبيّنوا.
وبالجملة ، لا يصحّ أن يكون المراد من المفهوم الدالّ على حجّية خبر العادل منحصرا في خبر السيد الدالّ على عدم حجّية خبر العادل ؛ لأنّه قبيح ، كما يعلم قبحه من قول القائل : صدّق زيدا في جميع ما يخبرك ، فأخبرك زيد بألف خبر ، ثمّ أخبرك بكذب جميعها.
فأراد القائل من قوله : صدّق زيدا خصوص هذا الخبر الأخير من زيد ، فكان مقصوده في الحقيقة هو عدم تصديق زيد في أخباره ، كما هو مقتضى خبره الأخير الذي أراد القائل تصديقه فقط ، فقد عبّر عن مقصوده باللفظ الدالّ على نقيض المطلوب ، وكان الصحيح أن يقول : لا تصدّق زيدا فيما يخبرك ، لا صدّق زيدا في جميع ما يخبرك ؛ فالتعبير الثاني الدالّ على نقيض المطلوب مكان التعبير الأول الدال على المقصود بالصراحة قبيح جدا.
(وقد أجاب بعض من لا تحصيل له : بأنّ الإجماع مظنون الاعتبار ، وظاهر الكتاب مقطوع الاعتبار)
الظاهر من هذا الجواب هو تعارض الإجماع وظاهر الكتاب ، أي : مفهوم الآية ، فأجاب : بأنّ الإجماع المنقول مظنون الاعتبار ، وظاهر الكتاب مقطوع الاعتبار ، فلا يقاوم ما هو مظنون الاعتبار ظاهر الكتاب.
ولا بدّ أولا من تصوير التعارض ، ثمّ بيان فساد هذا الجواب.
أمّا تقريب التعارض فيمكن أن يقال : مفهوم الآية يدل على أنّ خبر الواحد حجّة ، وخبر السيد بالإجماع يدلّ على عدم حجّيته ، فيتعارضان.